للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حديث هاهنا أمرك النبي أن تركز الراية]

١٠٥ - [٢٩٧٦] حَدَّثَنَا محَمَّد بْن الْعَلاَءِ: حَدَّثَنَا أَبو أسَامَةَ، عَنْ هِشَام بْنِ عرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ نَافِع بْنِ جبَيْرٍ قَالَ: «سَمِعْت العَبَّاسَ (١) يَقول لِلزّبَيْرِ (٢) رضي الله عنهما: هاهنا أَمرَكَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أن تَرْكزَ الراية» (٣) وفي رواية: حَدَّثَنَا عبَيْد بْن إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا أَبو أسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ قالَ: «لَمَّا سَارَ رَسول اللهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ الْفَتْحِ فَبَلَغَ ذَلِكَ قرَيْشا، خَرَجَ أَبو سفْيَانَ بْن حرْبٍ (٤) وَحَكِيم بْن حِزَامٍ (٥) وَبدَيْل بْن وَرْقَاء، يَلْتَمِسونَ الْخَبَرَ عَنْ رَسولِ


(١) العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف أبو الفضل القرشي عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولد قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنتين، وقيل: ثلاث، وضاع وهو صغير فنذرت أمه إن وجدته أن تكسوَ الكعبة الحرير فوجدته ففعلت، فهي أول عربية كست الكعبة الحرير، وكان العباس رئيسا جليلا في قريش قبل الإسلام، وكان إليه عمارة المسجد الحرام، والسقاية، وحضر بيعة العقبة مع الأنصار، وشدد العقد مع الأنَصار وأكده، وذلك قبل أن يسلم، وقيل: إنه أسلم قبل الهجرة، وخرج مع قومه إلى بدر مكرها، وأسر وفدى نفسه، ورجع إلى مكة، وقيل: إنه أسلم عقب رجوعه إلى مكة وكتم قومه ذلك، وكان يكتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم بأخبار المشركين، وكان عونا للمستضعفين المسلمين بمكة، ثم هاجر قبل الفتح بقليل، وشهد الفتح، وحنينا وثبت فيها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن ينادي في الناس بالرجوع وكان صيتا فأقبلوا عليه وحملوا على المشركين وهزموهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعظمه ويكرمه، ويبجله، وكان وصولا لأرحام قريش محسنا إليهم، ذا رأي وكمال، وعقل، وكان جوادا أعتق سبعين عبدا، وكانت الصحابة تكرمه وتعظمه، وتأخذ برأيه، روي له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة وثلاثون حديثا، اتفق البخاري ومسلم على حديث، وانفرد البخاري بحديث، ومسلم بثلاثة، وتوفي رضي الله عنه بالمدينة يوم الجمعة لثنتي عشرة ليلة خلت من رجب وقيل: من رمضان سنة اثنتين وثلاثين، وقيل: أربع وثلاثين، وهو ابن نحو ثمان وثمانين سنة. انظر: تهذيب الأسماء واللغات للنووي، ١/ ٢٥٧، وسير أعلام النبلاء للذهبي، ٢/ ٧٨ - ١٠٠، والإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر، ٢/ ٢٧١.
(٢) تقدمت ترجمته في الحديث رقم ٥٢.
(٣) [الحديث ٢٩٧٦] طرفه في كتاب المغازي، باب أين ركز النبي صلى الله عليه وسلم الراية يوم الفتح؟ ٥/ ١٠٧، برقم، ٤٢٨٠.
(٤) أبو سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب، رأس قريش، الأموي المكي أسلم يوم الفتح، كان له أمور صعبة، فمن الله عليه وتداركه بالإِسلام، لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالطريق فأسلم قبل أن يدخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة فاتحا، وكان من دهاة العرب ومن أهل الرأي والشرف فيهم، وشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم حنينا، وأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم مائة بعير وأربعين أوقية من الدراهم يتألفه بذلك، وشهد قتال الطائف وفقئت عينه يومئذ، وشهد اليرموك وقلعت عينه الأخرى في هذه المعركة، وكان تحت راية يزيد في هذه المعركة وينادي بنصر الله عز وجل، ونزل المدينة بعد ذلك، وهو أسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعشر سنين، وتوفي رضي الله عنه بالمدينة سنة إحدى وثلاثين، وقيل: أربع وثلاثين، وقيل: عاش ثلاثا وتسعين سنة. انظر: تهذيب الأسماء واللغات للنووي، ٢/ ٢٣٩، وسير أعلام النبلاء للذهبي، ٢/ ٢ / ١٠٥ - ١٠٦، والإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر، ٢/ ١٧٩.
(٥) حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى الأسدي، ابن أخي خديجة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أسلم يوم فتح مكة، سنة ثمان، وقد شهد بدرا مع المشركين، وكان إذا اجتهد في يمينه يقول: والذي نجاني أن أكون قتيلا يوم بدر، ولد قبل عام الفيل بثلاث عثرة سنة، وكان يفعل المعروف في الجاهلية، فلما أسلم سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أشياء كنت أفعلها في الجاهلية ألي فيها أجر؟ قال: " أسلمت على ما سلف لك من خير " [البخاري برقم ١٤٣٦، ٢٢٢٠، ٢٥٣٨، ٥٩٩٢] وكان كريما جوادا، وكانت دار الندوة بيده فباعها بعد من معاوية رضي الله عنه بمائة ألف درهم، فلامه ابن الزبير رضي الله عنه فقال: يا ابن أخي اشتريت بها دارا في الجنة فتصدق بالدراهم كلها، وكان من أشرات قريش ووجوهها في الجاهلية والإسلام، وأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين مائة بعير، ولم يصنع من المعروف شيئا في الجاهلية إلا صنع في الإسلام مثله، وقيل له عندما باع دار الندوة وتصدق بثمنها: بعت مكرمة قريش، فقال: ذهبت المكارم إلا بالتقوى، وأهدى في حجه مائة بدنة، وأعتق مائة عبد، وأهدى ألف شاة، وقال رضي الله عنه سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم قال: " يا حكيم إن هذا المال خضرة حلوة، فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه، وكان كالذي يأكل ولا يشبع، واليد العليا خير من اليد السفلى " قال حكيم فقلت: والذي بعثك بالحق لا أرزأ أحدا بعدك شيئا حتى أفارق الدنيا، وكان أبو بكر يدعو حكيما ليعطيه العطاء فيأبى أن يقبل منه شيئا، ثم دعاه عمر ليعطيه فأبى أن يقبله، فقال: يا معشر المسلمين أشهدكم على حكيم أني أعرض عليه حقه الذي قسم الله له من هذا الفيء فيأبى أن يأخذه، فلم يرزأْ حكيم أحدا من الناس بعد النبي صلى الله عليه وسلم شيئا، حتى توفي رضي الله عنه [البخاري برقم ٢٧٥٠] سنة خمسين، وقيل: أربع وخمسين، وقيل: ثمان وخمسين، وقيل: سنة سنين، وهو ممن عاش ستين سنة في الجاهلية وستين سنة في الإسلام، فكمل عند موته: مائة وعشرين سنة. انظر: تهذيب الأسماء واللغات للنووي ١/ ١٦٦، والإِصابة في تمييز الصحابة لابن حجر، ١/ ٣٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>