للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١ - باب الوصايا، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: " وصية الرجل مكتوبة عنده "

وقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ - فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ - فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: ١٨٠ - ١٨٢] (١) " جنفا ": ميلا، " متجانف ": مائل.

١ - [٢٧٣٨] حَدَّثَنَا عَبدُ اللهِ بنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَن نافعٍ، عَن عبدِ الله بنِ عُمَرَ (٢) رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا حقُّ امْرئ مُسْلم لَهُ شَئٌ يُوصِي فيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَينِ إِلَّا ووصيته مكتوبةٌ عندَه» (٣).

* شرح غريب الحديث: * ووصيته " الوصية: مشتقة من وَصَيتُ الشيء، أصيه إذا وصلته، وسُميت وصية؛ لأن الميت يصل بها ما كان في حياته بما بعد مماته، ويقال: وصى وأوصى إيصاء, والاسم الوصية والوصاة (٤) قال ابن فارس -رحمه الله: " وصى "


(١) سورة البقرة، الآيات: ١٨٠ - ١٨٢.
(٢) عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، ولد سنة ثلاث من البعثة: أي قبل الهجرة بعشر سنوات، وأسلم مع أبيه وهاجر، وعُرض على النبي صلى الله عليه وسلم ببدر فاستصغره، ثم عرض عليه بأحد فاستصغره، ثم عرض عليه بالخندق فأجازه، وكان يومئذ ابن خمس عشرة سنة، وهو من المكثرين في حفظ الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فقد رَوَى عنه علما كثيرا، وعن أبيه، وأبي بكر، وعلي، وعثمان، وغيرهم رضي الله عنهم، وهو ممن بايع تحت الشجرة، وكان قدوة صالحة عالما عاملا بعلمه داعيا إليه، وكان رجلا ورعا زاهدا، كريما عابدا سباقا لكل خير، رحيما، وقد ثبت عن نافع أنه قال: " ما مات ابن عمر حتى أعتق ألف إنسان أو زاد "، وبعث إليه معاوية رضي الله عنه، بمائة ألف، فما حال عليه الحول وعنده منها شيء، وكان شديد الحب لمتابعة النبي صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله، وقد مد الله في عمره حتى نفع بعلمه المسلمين، فعاش قرابة سبع وثمانين سنة، ومات رضي الله عنه سنة أربع وسبعين من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم. [انظر: سير أعلام النبلاء، للذهبي، ٣/ ٢٠٣ - ٢٣٩، والإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر العسقلاني ٢/ ٣٤٧ - ٣٥٠].
(٣) وأخرجه مسلم، في كتاب الوصية، ٣/ ١٢٤٩، برقم ١٦٢٧.
(٤) انظر: المعجم في مقاييس اللغة لابن فارس، كتاب الواو، باب الواو والصاد، ص ١٠٩٤، والقاموس المحيط للفيروزآبادي، باب الياء، فصل الواو، ص ١٧٣١، وشرح الإمام النووي على صحيح مسلم ١١/ ٨٣، وعمدة القاري للعيني ١٤/ ٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>