للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - السائل عن الحكم الذي سأل عنه، وزاده حكما لم يسأل عنه، وهو حل ميتة البحر؛ لأنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عندما عرف اشتباه الأمر على السائل في ماء البحر أشفق أن يشتبه عليه حكم ميتته، وقد يبتلى بها راكب البحر، فعقب الجواب عن سؤاله ببيان حكم الميتة، وذلك من محاسن الفتوى أن يجاء في الجواب بأكثر مما سئل عنه تتميما للفائدة، وإفادة لعلم غير المسؤول عنه، ويتأكد عند ظهور الحاجة إلى الحكم أو المسألة كما هنا؛ لأن من توقف في طهورية ماء البحر فهو عن العلم بحل ميتته - مع تقدم تحريم الميتة - أشد توقفا (١).

ثالثا: من موضوعات الدعوة: الحض على الأخذ بالكتاب والسنة واتهام الرأي: إن الأخذ بالكتاب والسنة من أهم الواجبات وأعظم القربات؛ لأن الأخذ بالرأي المجرد عن الدليل الشرعي يوصل إلى المهالك؛ ولهذا قال سهل بن حنيف رضي الله عنه في هذا الحديث: «اتهموا رأيكم، فلقد رأيتني يوم أبي جندل لو أستطيع أن أرد على رسول الله أمره لرددته، والله ورسوله أعلم»، وهذا يؤكد أن الرأي لا يعتمد عليه، وإنما المعتمد على الكتاب والسنة؛ قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: ٥٩] (٢) وقال عز وجل: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: ٦٥] (٣) وقال عز وجل: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [الشورى: ١٠] (٤).

فالأصل في الحكم بين الناس أن يرد حكمه إلى كتاب الله عز وجل، وإلى سنة رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (٥) وقد ذم الله القول عليه بغير علم، فقال عز وجل: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: ٣٣] (٦)


(١) انظر: سبل السلام شرح بلوغ المرام، لمحمد بن إسماعيل الصنعاني ١/ ١٨، وتوضيح الأحكام من بلوغ المرام، لعبد الله بن عبد الرحمن البسام، ١/ ٩٠.
(٢) سورة النساء، الآية: ٥٩.
(٣) سورة النساء، الآية: ٦٥.
(٤) سورة الشورى، الآية: ١٠.
(٥) انظر: تفسير الطبري "جامع البيان عن تأويل آي القرآن "، ٨/ ٥٠٤، وتفسير ابن كثير، ١/ ٥١٩.
(٦) سورة الأعراف، الآية: ٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>