للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"أي لا تعملوا في أمر الدين بالرأي المجرد الذي لا يستند إلى أصل من الدين" (١) وما أحسن ما قاله الإمام الشافعي رحمه الله:

كل العلوم سوى القرآن مشغلة ... إلا الحديث وعلم الفقه في الدين

العلم ما كان فيه قال حدثنا ... وما سوى ذاك وسواس الشياطين (٢)

وقد ذم السلف رحمهم الله الرأي المجرد عن الدليل، فعن ابن الأشج عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: " إِيَّاكُمْ وَأَصْحَابَ الرَّأْيِ؛ فَإِنَّهُمْ أَعْدَاءُ السُّنَنِ، أَعْيَتْهُمُ الْأَحَادِيثُ أَنْ يَحْفَظُوهَا فَقَالُوا بِالرَّأْيِ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا " (٣).

وعن عروة بن الزبير أنه كان يقول: " السُّنَنَ السُّنَنَ؛ فَإِنَّ السُنَّنَ قِوَامُ الدِّينِ [أَزْهَدُ النَّاسِ فِي الْعَالِمِ أَهْلُهُ] " (٤) وقال الإمام أحمد رحمه الله: " لا تكاد ترى أحدا نظر في هذا الرأي إلا وفي قلبه دغل " (٥) وقال الأوزاعي رحمه الله: " إذا أراد الله عز وجل أن يحرم عبده بركة العلم ألقى على لسانه الأغاليط " (٦) وقال الحافظ ابن عبد البر رحمه الله بعد أن ساق آثارا كثيرة في ذم الرأي ما ملخصه: قال أكثر أهل العلم: إن الرأي المذموم المعيب المهجور الذي لا يحل النظر فيه والاشتغال به، هو الرأي المبتدع وشبهه من أنواع البدع (٧) وقال جمهور أهل العلم: الرأي المذموم في الآثار المذكورة هو القول في أحكام شرائع الدين بالاستحسان والظنون، والاشتغال بحفظ المعضلات والأغلوطات، ورد الفروع والنوازل بعضها على بعض قياسا دون ردها على أصولها من الكتاب أو من السنة (٨).

ثم قال: " ومن تدبر الآثار المروية في ذم الرأي المرفوعة وآثار الصحابة والتابعين في


(١) فتح الباري بشرح صحيح البخاري لابن حجر، ١٣/ ٢٨٨.
(٢) ديوان الشافعي، جمع محمد عفيف، ص ٨٨، وانظر: البداية والنهاية لابن كثير ١٠/ ٢٥٤.
(٣) أخرجه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة، ١/ ١٣٩، برقم ٢٠١، والدارمي في سننه ١/ ٤٧، برقم ١٢١، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله ٢/ ١٠٤١، برقم ٢٠٠١، ورقم ٢٠٠٣، ٢٠٠٥.
(٤) ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله، ٢/ ١٠٥١، برقم ٢٠٢٩، ٢٠٣٠.
(٥) أخرجه ابن عبد البر في المرجع السابق، ٣/ ١٠٥٤، برقم ٢٠٣٥.
(٦) أخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله، ٢/ ١٠٧٣، برقم ٢٠٨٣.
(٧) جامع بيان العلم وفضله، ٢/ ١٠٥٣.
(٨) انظر: المرجع السابق، ٢/ ١٠٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>