للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تشتد شوكته، ويعظم ضرره على المسلمين، ويكون ذلك منفرا من الدخول في الإسلام، موجبا لذم أئمة المسلمين (١).

ومن التشهير والفضيحة للغادر أنه ينادى يوم القيامة على رؤوس الأشهاد باسمه واسم أبيه؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِنَّ الْغَادِرَ يُنْصَبُ لَهُ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يُقَالُ: هَذِهِ غَدْرَةُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ»، فظهر في هذه الرواية: أن الغادر ينسب إلى أبيه في الموقف الأعظم، وفي هذا الحديث رد لقول من زعم أنهم لا يدعون يوم القيامة إلا بأمهاتهم سترا على آبائهم (٢) والدعاء بالآباء أشد في التعريف، وأبلغ في التمييز، وهذا يقتضي جواز الحكم بالظواهر، وحمل الآباء على من كان ينسب إليه في الدنيا لا على ما هو في نفس الأمر، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "وهو المعتمد" (٣) والظاهر من قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «هذه غدرة فلان بن فلان»، أن لكل غدرة واحدة لواء. قال الإمام ابن أبي جمرة رحمه الله: " ظاهر الحديث يعطي أن لكل غدرة لواء " (٤) وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " فعلى هذا يكون للشخص الواحد عدة ألوية بعدد غدراته " (٥).

ولأهمية التحذير من الغدر قال الوزير العالم ابن هبيرة رحمه الله: " لما أتى الغادر بالشنعاء في اللوم وهي الغدرة، وإنما يأتي ذلك؛ لذل فيه عن المجاهرة بالغدر، رفع اللواء عليه (٦).

لإظهار شهرته، بعقوبة يشهدها الأولون والآخرون ". (٧) وقد ذم الله المنافقين أشد الذم وأقبحه فقال عز وجل: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ - فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ - فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} [التوبة: ٧٥ - ٧٧] (٨).


(١) انظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، ٣/ ٥٢١.
(٢) قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح ١٠/ ٥٦٣ " وهو حديث أخرجه الطبراني من حديث ابن عباس، وسنده ضعيف جدا، وأخرج ابن عدي من حديث أنس مثله، وقال: منكر".
(٣) فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ١٠/ ٥٦٣.
(٤) بهجة النفوس، ٤/ ١٧٥.
(٥) فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ١٠/ ٥٦٣.
(٦) جاء في الحديث " يرفع " وفي رواية: " ينصب " والمعنى واحد، وانظر: فتح الباري لابن حجر ١٠/ ٥٦٣.
(٧) الإفصاح عن معاني الصحاح، ٢/ ٧٥، وانظر: ٤/ ١٠٢.
(٨) سورة التوبة، الآيات: ٧٥ - ٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>