للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أمر الله عز وجل بالاعتذار والقول الحسن المعروف لمن لا يستطيع الإحسان بالفعل، ومن ذلك قوله تعالى {وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا} [الإسراء: ٢٨] (١).

فعلى الداعية أن يتخلَّق بهذا الخلق الجميل، وأن يسأل الله تعالى أن يوفقه ويعينه؛ فإنه لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع سبحانه.

رابعا: الرد بالحكمة على من ظهر منه مخالفة للنصوص الشرعية: ظهر في هذا الحديث الرد الحكيم من ابن عباس رضي الله عنهما على من خالفه في حكم هذه الآية الكريمة، وذلك أنه قال رضي الله عنه: " إن ناسا يزعمون أن هذه الآية نسخت. . . " ولم يصرح ولم يشهر بأسمائهم، وهذا من الحكمة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يعمل بها في دعوته، فقد كان صلى الله عليه وسلم يقول: «ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم». . . " الحديث (٢) «ما بال أناس يشترطون شروطا ليست في كتاب الله». . . " الحديث (٣) «ما بال أقوام يتنزهون عن شيء أصنعه». . . " الحديث (٤) «ما بال أقوام قالوا كذا وكذا، لكني أصلي وأنام». . . " الحديث (٥).

فعلى الداعية أن لا يصرح بالأسماء في دعوته للناس، ولا يواجه بالعتاب، بل يسلك مسلك النبي صلى الله عليه وسلم في دعوته وكفى.

خامسا: من أساليب الدعوة: التوكيد بالقسم: أسلوب التوكيد بالقسم يثبت المعاني في القلوب، ويحملها على التصديق والإيمان، وسرعة التنفيذ بفعل المأمورات وترك المنهيات (٦) وفي هذا


(١) سورة الإسراء، الآية: ٢٨.
(٢) البخاري، كتاب الأذان، باب رفع البصر إلى السماء في الصلاة، ١/ ٢٠٥ برقم ٧٥٠، من حديث أنس رضي الله عنه.
(٣) البخاري، كتاب المكاتب، باب ما يجوز من شروط المكاتب، ٢/ ١٧٣ برقم ٢٥٦١.
(٤) متفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها: البخاري، كتاب الأدب، باب من لم يواجه الناس بالعتاب ٧/ ١٢٦ برقم ٦١٠١، ومسلم، كتاب الفضائل، باب علمه صلى الله عليه وسلم بالله وشدة خشيته ٤/ ١٨٢٩ برقم ٢٣٥٦.
(٥) مسلم، كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ٢/ ١٠٢٠ برقم ١٤٠١.
(٦) انظر: تفسير الطبري " جامع البيان عن تأويل آي القرآن " للطبري، ٤/ ٤٧، ومفردات ألفاظ القرآن، للراغب الأصفهاني، مادة: " قسم " ص ٦٧٠، والجامع لأحكام القرآن، للقرطبي، ١٩/ ٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>