للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعلى الداعية أن يعلم أنه لا حرج في ركوب البحر للدعوة إلى الله تعالى، وهذا من الوسائل النافعة عند الحاجة لذلك. والله المستعان.

عاشرا: من صفات الداعية: الحرص على الدقة في الحديث: لا شك أن من الصفات المهمة التي ينبغي أن يلتزمها الداعية، الحرص على صحة ما يقول وينقل للناس، حتى لا يكذب على النبي صلى الله عليه وسلم؛ وللحرص على هذه الصفة قال إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة في روايته لهذا الحديث: «يركبون ثبج هذا البحر ملوكا على الأسرَّة- أو مثل الملوك على الأسرَّة» قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: " وهذا الشك من إسحاق، يشعر بأنه كان يحافظ على تأدية الحديث بلفظه ولا يتوسع في تأديته بالمعنى " (١) وهذا يدل على حرص السلف على تَحَرِّيهِم في النقل، وصدقهم؛ لأنه لما أشكل على إسحاق لفظ الحديث أبدى الإشكال ولم يأخذ بقوة الظن فيخبر به (٢).

وهكذا ينبغي للدعاة إلى الله تعالى الحرص على ضبط الرواية والدقة في نقل الأخبار، والأقوال، وخاصة إذا كان النقل عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا لم يتيقن ذلك قال في نهاية الحديث: أو كما قال صلى الله عليه وسلم، أو الحديث بمعناه، وكذلك الأحاديث التي يشك في صحتها يقول: ذكِرَ، أَوْ روِيَ، أو جاء، حتى لا يقع في قوله صلى الله عليه وسلم: (٣) «كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع» (٤).


(١) فتح الباري لابن حجر، ١١/ ٦٤، وانظر: كتاب الكفاية في علم الرواية، للخطيب البغدادي، ص ٢٦٥ - ٣١٦.
(٢) انظر: بهجة النفوس لابن أبي جمرة، ١/ ١٢٨.
(٣) انظر: الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث لابن كثير، بقلم العلامة أحمد محمد شاكر، ٢/ ٣٧٧ - ٤٤٢.
(٤) صحيح مسلم، في المقدمة، باب النهي عن الحديث بكل ما سمع ١/ ١٠ برقم ٥، وانظر: الحديث رقم ٣، الدرس الرابع.

<<  <  ج: ص:  >  >>