للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيا: من صفات الداعية: احتساب الأجر والثواب على الله - عز وجل: إن من الصفات الحميدة أن يحتسب الداعية ما يصيبه فيرجو بذلك ثواب الله ويطمع في فضله وإحسانه سبحانه وتعالى؛ ولهذا احتسب إمام الدعاة - صلى الله عليه وسلم - الثواب على ربه حينما أصيبت أصبعه فقال: «هل أنت إلا أصبع دميتِ وفي سبيل الله ما لقيتِ» فبين - صلى الله عليه وسلم - أن ذلك لم يكن هدرا وإنما هو في سبيل الله - عز وجل - ورضاه (١).

فينبغي للداعية أن يحتسب كل ما يصيبه من المصائب والمتاعب والمشاق حتى يثاب على ذلك من الله تعالى؛ قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما من مسلم يشاك شوكة فما فوقها إلا كتبت له بها درجة ومحيت عنه بها خطيئة» (٢).

ثالثا: من أساليب الدعوة: الرَّجز والشعر الممدوح. من الأساليب الدعوية التي يجذب بها الداعية بعض المدعوّين: الرَّجز (٣). عند الحاجة إلى ذلك في بعض الأحيان مع بعض الفئات من الناس، ولكن لا يستعمل الداعية منه إلا ما فيه نفع وحث على الخير، وترغيب في الطاعات، وتخويف من المعاصي والسيئات؛ ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: " " (٤). والمعنى إن من الشعر: قولا صادقا، مطابقا للحق. فالشعر منه حسن ومنه قبيح فيأخذ الداعية الحسن ويدع القبيح (٥). والنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن شاعرا ولا ينبغي له ذلك؛ لقول الله عز وجل: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} [يس: ٦٩] (٦). ولكن ما جاء


(١) انظر: شرح الكرماني على صحيح البخاري ١٢/ ١٠٦.
(٢) صحيح مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب ثواب المؤمن فيما يصيبه من مرض أو حزن، أو نحو ذلك حتى الشوكة يشاكها، ٤/ ١٩٩١، برقم ٢٥٧٢.
(٣) الرَّجَز: بحر من بحور الشعر معروف، ونوع من أنواعه، ويسمى قائله راجزا، كما يسمى قائل بحور الشعر شاعرا. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، باب الراء مع الجيم، مادة: " رجز " ٢/ ١٩٩.
(٤) البخاري، كتاب الأدب باب ما يجوز من الشعر والرجز والحداء وما يكره منه ٨/ ١٣٩ برقم ٦١٤٥ عن أبي بن كعب رضي الله عنه.
(٥) ذكر معنى هذا القول عن عائشة - رضي الله عنها. انظر: فتح الباري لابن حجر ١٠/ ٥٤٠.
(٦) سورة يس، الآية: (٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>