للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن عبد الله بن أبي أوفى - رضي الله عنه - كتب إلى مولى عمر بن عبيد الله: «واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف» وهذا يبين للدعاة أن الكتابة من: الكتاب، والرسالة، والمقال، من أهم وسائل الدعوة إلى الله تعالى؛ وقد جاءت رواية مسلم ". . . عن أبي النضر عن كتاب رجل من أسلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يقال له عبد الله بن أبي أوفى، فكتب إلى عمر بن عبيد الله حين سار إلى الحرورية. . . " (١). قال الإمام النووي رحمه الله على قوله: " عن أبي النضر عن كتاب رجل من أسلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -. . . " قال: قال الدارقطني: " واتفاق البخاري ومسلم على روايته حجة في جواز العمل بالمكاتبة، والإجازة. . . وبه قال جماهير العلماء " (٢).

ثانيا: من موضوعات الدعوة: الحث على سلوك الأدب وتعليم المدعوين ما يحتاجون إليه: ظهر في هذا الحديث أن الحث على سلوك الأدب، وتعليم المدعوين ما يحتاجون إليه من الموضوعات المهمة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - حث على ذلك بقوله وفعله، فقد نهى - صلى الله عليه وسلم - عن تمنِّي لقاء العدو، وحث على الصبر عند اللقاء، وَرَغَّبَ أصحابه في الجنة، وبين لهم بفعله - صلى الله عليه وسلم - أهمية الدعاء، وآدابه، لأنه دعا الله - عز وجل - بما يناسب حاجته في قوله: «اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم»؛ قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله - عند ذكره لفوائد هذا الحديث: ". . . فيه وصية المقاتلين بما فيه صلاح أمرهم، وتعليمهم ما يحتاجون إليه، وسؤال الله بصفاته العلى، وبنعمه السالفة، والحث على سلوك الأدب وغير ذلك " (٣).

ثالثا: من وسائل الدعوة: مراعاة نشاط المدعو: في هذا الحديث دلالة واضحة على أنه ينبغي للداعية أن يراعي أوقات نشاط المدعو؛ فقد كان - صلى الله عليه وسلم - إذا لم يقاتل أول النهار انتظر حتى تزول الشمس ثم قاتل قال الإمام النووي رحمه الله: " قال العلماء سببه أنه أمكن للقتال؛ فإنه وقت


(١) مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب كراهية تمني لقاء العدو، والأمر بالصبر عند اللقاء، ٣/ ١٣٦٢، برقم ١٧٤٢.
(٢) شرح صحيح مسلم، ١٢/ ٢٩١.
(٣) فتح الباري، بشرح صحيح البخاري، ٦/ ١٥٧، وانظر: بهجة النفوس، لابن أبي جمرة، ٣/ ١٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>