للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فينبغي للداعية أن يحفظ حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم يبلغه غيره، كما ينبغي له أن يكون ورعا متثبتا فلا ينقل عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما لم يقل.

ثانيا: من أساليب الدعوة: ذكر الداعية بعض عمله الصالح عند الحاجة ليقتدى به: دل هذا الحديث على أن ذكر الداعية بعض عمله الصالح عند الحاجة من أساليب الدعوة؛ لأن طلحة رضي الله عنه حدث عن يوم أحد، وما صنع مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " وأما حديث طلحة فهو جائز إذا أمنَ الرياء والعجب، ويترقى إلى الاستحباب إذا كان هناك من يقتدي بفعله " (١). وقال العلامة العيني رحمه الله: " حدث طلحة عن مشاهد يوم أحد؛ ليقتدى به ويرغب الناس في مثل فعله " (٢). وقال رحمه الله أيضا: " وفي قول طلحة: ذكر المرء بعمله الصالح ليؤدي ما علم مما لم يعلم غيره؛ لأنه انفرد برسول الله - صلى الله عليه وسلم - حينئذ " (٣).

وهذا يوضح للدعاة إلى الله - عز وجل - أنه لا حرج أن يخبر الداعية ببعض أعماله الطيبة رغبة في أن يقتدى به في عمله؛ وليرغِّب المدعوين في ذلك، أما الذي يذكر عمله؛ للافتخار، وإظهار فضله: رياء، وسمعة، وعجبا، فهذا عمل قبيح، لا يجوز لمسلم أن يعمله.

ثالثا: أهمية صحبة الأخيار: ظهر في هذا الحديث أهمية صحبة الأخيار؛ لأن السائب بن يزيد صحب طلحة، وسعدا، والمقداد، وابن عوف، فاستفاد منهم الورع في الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خشية الزيادة أو النقصان، ولا شك أن صحبة الأخيار تزيد في الحلم، والفهم، والتقوى؛ ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك: إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه؛ وإما أن تجد منه ريحا طيبه، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك


(١) فتح الباري ٦/ ٣٧.
(٢) عمدة القاري ١٤/ ١٢٠.
(٣) المرجع السابق ١٧/ ١٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>