للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خامسا: الترغيب في الجهاد في سبيل الله عز وجل: ظهر في هذين الحديثين الترغيب في الجهاد في سبيل الله سبحانه وتعالى، وأن المجاهد له الدرجات العلى؛ لأن الحديثين اشتملا على قول الله عز وجل {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: ٩٥] (١) وقال عز وجل في الآية التي بعدها: {دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: ٩٦] (٢) وهذا ترغيب عظيم لأهل الإِيمان في الجهاد في سبيل الله سبحانه وتعالى (٣).

سادسا: من خصائص الإسلام: رفع الحرج: دل هذان الحديثان على أن الإِسلام دين السماحة واليسر على الناس، وأنه يرفع الحرج، وأن الله عز وجل لا يكلف عباده إلا بما يطيقون. وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أملى على زيد بن ثابت رضي الله عنه قوله تعالى: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [النساء: ٩٥] (٤) فقال ابن أم مكتوم رضي الله عنه: " يا رسول الله فما تأمرني؛ فإني رجل ضرير البصر [لو استطعت الجهاد لجاهدت؟] " فأنزل الله عز وجل: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} [النساء: ٩٥] فما أعظم هذه السماحة والتشريع، وما أكرم الله عز وجل وأرحمه بعباده، ومن رحمته أن رفع عنهم الحرج (٥) كما قال عز وجل: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦] (٦) وقال سبحانه وتعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦] (٧) فينبغي للداعية أن يبين للناس سماحة الإِسلام وتيسيره على الناس ورفع الحرج عنهم (٨).


(١) سورة النساء، الآية: (٩٥).
(٢) سورة النساء الآية: (٩٦).
(٣) انظر: الحديث رقم ١٨، الدرس الخامس.
(٤) سورة النساء، الآية: (٩٥).
(٥) انظر المنهل العذب الفرات من أحاديث الأمهات، من صحيح الإمام البخاري، للدكتور عبد العال أحمد ٣/ ٢٠٥.
(٦) سورة البقرة، الآية: (٢٨٦).
(٧) سورة التغابن، الآية: (١٦).
(٨) انظر الحديث رقم ١، الدرس الخامس، ورقم ٣٢، الدرس الأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>