للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: «إذا أرادوا فتنة أبينا» قال الراوي: " يرفع بها صوته " وفي رواية: " يمد صوته بآخرها " قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " وفيه جواز رفع الصوت في عمل الطاعة لينشِّط نفسه وغيره " (١).

* وقد كان هديه صلى الله عليه وسلم رفع الصوت في الخطب؛ ليستفيد الناس منها؛ ولينتبهوا ولا يصيبهم الكسل والنعاس (٢) فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب احمرَّت عيناه، وعلا صوته، واشتدَّ غضبه، حتى كأنه منذر جيش» (٣). فينبغي للداعية أن يكون نشيطا برفع صوته على حسب الحاجة وحسب ما يناسب المدعو، والزمان، والمكان.

الحادي عشر: من أساليب الدعوة: الترغيب: إن أسلوب الترغيب من أنفع الأساليب في ترغيب المدعوين في الخير والعمل به، وقد ظهر في هذين الحديثين في قوله صلى الله عليه وسلم: " اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة " فَنشَّط هذا الأسلوب الصحابة رضي الله عنهم، وشوَّقهم في العمل، ورغّبهم في عيش الآخرة؛ لأنه الذي يدوم ويبقى؛ ولهذا النشاط والرغبة قالوا: " نحن الذين بايعوا محمدا على الجهاد ما بقينا أبدا ".

فينبغي العناية بهذا الأسلوب؛ لما فيه من النفع للمدعوين (٤).

الثاني عشر: من صفات الداعية: التواضع: إن من أعظم الصفات الحميدة التواضع، وقد دل هذان الحديثان على هذه الصفة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أفضل البشر، وسيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم ومع ذلك يحفر مع أصحابه الخندق، ويواري التراب بطنه، ويربط الحجر على بطنه من الجوع، ويقدَّم بين يديه في هذا المكان الطعام الذي له ريح منتن كما قال الراوي:


(١) فتح الباري ٦/ ١٦١.
(٢) انظر: زاد المعاد في هدي خير العباد، لابن القيم ١/ ٤٢٥.
(٣) أخرجه مسلم، كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، ٢/ ٥٩٢، برقم ٨٦٧.
(٤) انظر: الحديث رقم ٧، الدرس الرابع عشر.

<<  <  ج: ص:  >  >>