للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحديث عن هذه الدروس والفوائد الدعوية على النحو الآتي:

أولا: حرص الصحابة رضي الله عنهم على الجهاد وعدم تخلفهم بغير عذر: ظهر في هذا الحديث عظم حرص الصحابة رضي الله عنهم على الجهاد في سبيل الله عز وجل، وعدم تخلفهم بدون عذر؛ ولهذا أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن حرصهم العظيم على ذلك فقال: «إن أقواما بالمدينة خلفنا ما سلكنا شعبا ولا واديا إلا وهم معنا فيه، حبسهم العذر»، فينبغي لكل مسلم أن يقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه في الحرص على الجهاد في سبيل الله عز وجل؛ (١) ولهذا الحرص العظيم كان الفقراء من الصحابة إذا لم يقبلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغزو بكوا وحزنوا، قال الله عز وجل: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ - وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ} [التوبة: ٩١ - ٩٢] (٢).

ثانيا: من صفات الداعية: النية الصالحة: دل الحديث على أن النية الصالحة تبلغ ما يبلغ العمل، وأن من فضل الله عز وجل إثابة العبد إذا عجز عن القربة والطاعة، مع عزمه عليها؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «إن بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم» وقد بين صلى الله عليه وسلم أنه حبسهم العذر؛ قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " وفيه أن المرء يبلغ بنيته أجر العامل إذا منعه العذر عن العمل " (٣).

وهذا يوضح للداعية أهمية النية الصالحة وعلوَّ مكانتها، فينبغي الصدق والعزيمة في تصحيح النية وإخلاصها لله تعالى.


(١) انظر: الحديث رقم ١، الدرس الأول، ورقم ١٠٢، الدرس الرابع، ورقم ١٦٣، الدرس الحادي عشر.
(٢) سورة التوبة، الآيتان: ٩١ - ٩٢.
(٣) انظر: الحديث رقم ٢٢، الدرس السادس.

<<  <  ج: ص:  >  >>