للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا يبين أهمية التحريض على الجهاد كما قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ} [الأنفال: ٦٥] (١) قال الإِمام القرطبي رحمه الله: " أي حثهم وحضهم " (٢).

ثانيا: من صفات الداعية: التلطف ولين الكلام مع الكبير والصغير: دل على ذلك قول أنس رضي الله عنه لثابت بن قيس رضي الله عنه: «يا عمِّ ما يحبسك أن لا تجيء» فقوله: " يا عمِّ " قال ابن حجر رحمه الله: " إنما دعاه بذلك: لأنه كان أسنَّ منه؛ ولأنه من قبيلة الخزرج " (٣) وقد رد عليه ثابت رضي الله عنه بقوله: «الآن يا ابن أخي».

وهذا فيه تلطف وإكرام وإجلال، والعرب تتوسع في هذه الكلمات: تلطفا وتوددا، وتعبيرا عن إنزال المخاطب منزلة الابن أو ابن الأخ، أو العم، أو الأب (٤).

وهذا يوضح للداعية مكانة التلطف والتودد وتأثيره في القلوب قال الله سبحانه وتعالى لموسى وهارون حينما بعثهما إلى فرعون: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه: ٤٤] (٥) وهذا يؤكد العناية بهذه الصفة الحميدة. (٦).

ثالثا: من صفات الداعية الاستعداد للقاء الله عز وجل: من الأمور المهمة أن يكون المسلم وخاصة الداعية إلى الله عز وجل على استعداد تام للموت، وذلك بالتوبة من الذنوب، وإصلاح العمل، والقيام بالواجبات، والابتعاد عن المحرمات، وقد دل هذا الحديث على العناية بالاستعداد للموت والتأهب له وذلك بفعل ثابت بن قيس بتحنطه قبل القتال رضي الله عنه استعدادا للقاء الله، ورغبة في الانتقال من هذه الدنيا على أحسن حال (٧) وهذا


(١) سورة الأنفال، الآية: ٦٥.
(٢) الجامع لأحكام القرآن ٨/ ٤٦.
(٣) فتح الباري ٦/ ٥٢، وانظر: عمدة القاري ١٤/ ١٣٩.
(٤) انظر: منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري، لحمزة محمد قاسم ٤/ ٩٨.
(٥) سورة طه، الآية: ٤٤.
(٦) انظر: الحديث رقم ١٠، الدرس الثالث.
(٧) انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير ١/ ٤٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>