للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفرائض التي فرضها الله على عباده؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه: «حق الله على عباده أن يعبدوه، ولا يشركوا به شيئا» قال الكرماني رحمه الله: قوله صلى الله عليه وسلم: «أن يعبدوه» أشار إلى العمليات، وقوله: «ولا يشركوا به شيئا» أشار إلى الاعتقاديات (١).

فقوله: " أشار إلى العمليات " والمراد عمل الطاعات واجتناب المحرمات؛ ولهذا قال الحافظ ابن حجر رحمه الله، على قوله صلى الله عليه وسلم: «أن يعبدوه»: " المراد بالعبادة عمل الطاعات واجتناب المعاصي، وعطف عليها عدم الشرك؛ لأنه تمام التوحيد، والحكمة في عطفه على العبادة: أن بعض الكفرة كانوا يدَّعون أنهم يعبدون الله، ولكنهم كانوا يعبدون آلهة أخرى، فاشترط نفي ذلك " (٢).

وأفضل ما عرِّفت به العبادة: قول شيخ الإِسلام ابن تيمية رحمه الله: " العبادة: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه: من الأقوال والأعمال: الباطنة والظاهرة " (٣) والعبادة أصل معناها الذل، يقال: طريق معبّد إذا كان مذللا قد وطئته الأقدام، لكن العبادة المأمور بها تتضمن معنى الذل ومعنى الحب، فهي تتضمن غاية الذل بغاية المحبة لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم ودينه (٤).

وقد عرف العلامة ابن القيم رحمه الله: العبادة بتعريف جامع قال فيه:

وعبادة الرحمن غاية حبِّه ... مع ذلِّ عابده هما قطبان

وعليهما فلك العبادة دائر ... ما دار حتى قامت القطبان

ومداره بالأمر أمر رسوله ... لا بالهوى والنفس والشيطان (٥)

/ ٥٠ فينبغي للداعية إلى الله عز وجل أن يدعو الناس إلى عبادة الله وحده، ويحثهم على الإِيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره من الله عز وجل، والعمل بمقتضى الشهادتين: من إقام الصلاة، وإيتاء


(١) شرح صحيح البخاري، للكرماني ٢٢/ ١٠٢.
(٢) فتح الباري، بشرح صحيح البخاري ١١/ ٣٣٩، وانظر: بهجة النفوس لابن أبي جمرة ٣/ ١٢١.
(٣) مجموع فتاوى ابن تيمية ١٠/ ١٤٩.
(٤) انظر: المرجع السابق ١٠/ ١٥٣.
(٥) الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية ص ٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>