للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأعمال والله أعلم (١).

قال الإِمام الخطابي رحمه الله تعالى: " اليمن والشؤم سمتان لما يصيب الإِنسان من الخير والشر والنفع والضر ولا يكون شيء من ذلك إلا بمشيئة الله وقضائه وإنما هذه الأشياء مَحَالّ وظروف جعلت مواقع لأقضيته، ليس لها بأنفسها وطباعها فعل ولا تأثير في شيء، إلا أنها لما كانت أعم الأشياء التي يقتنيها الناس وكان الإِنسان في غالب أحواله لا يستغنى عن دار يسكنها، وزوجة يعاشرها وفرس يرتبطه. . . وكان لا يخلو من مكروه في زمانه ودهره أضيف اليمن والشؤم إليها إضافة مكانٍ ومحل وهما صادران عن مشيئة الله سبحانه " (٢).

وقال ابن حجر رحمه الله: " وقيل يحمل الشؤم على قلة الموافقة وسوء الطباع " (٣).

وسمعت سماحة شيخنا عبد العزيز بن عبد الله بن باز حفظه الله يقول عند شرحه لحديث سهل بن سعد رضي الله عنه: " والتشاؤم من هذه الثلاثة مستثنى ولا ينافي التوكل، فلا بأس بتركها، فقد لا تناسبه: الدابة، والزوجة، والمسكن، فلا بأس بمفارقة غير المناسب، فقد يجد شرورا في بعض هذه الأشياء فلا بأس أن يفارقها لعدم مناسبتها له، وقد تناسب غيره فلا يخبره بشؤمها، والسيارة تقوم مقام الدابة " (٤).

وإذا حمل الشؤم على عدم الموافقة وسوء الطباع فهو كحديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أربع من السعادة: المرأة الصالحة، والمسكن الواسع، والجار الصالح، والمركب الهنيء، وأربع من الشقاوة: الجار السوء، والمرأة السوء، والمسكن الضيِّق، والمركب السوء» (٥).


(١) انظر: مشكل الآثار للطحاوي، ٢/ ٢٤٩، وشرح السنة للبغوي، ٩/ ١٣، والمفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي ٥/ ٦٣٠، وشرح النووي على صحيح مسلم ١٤/ ٤٧٣.
(٢) أعلام الحديث في شرح صحيح البخاري، ٢/ ١٣٧٩ بتصرف يسير جدا. وانظر: شرح السنة للبغوي ٩/ ١٤، وشرح الطيبي على مشكاة المصابيح ٧/ ٢٢٦١.
(٣) فتح الباري ٦/ ٦٣.
(٤) سمعته من سماحته أثناء شرحه لحديث سهل بن سعد رضي الله عنه في صحيح البخاري برقم ٢٨٥٩، ثم سمعته مرة أخرى عند شرحه لطرف الحديث المذكور برقم ٥٠٩٥ وذلك بتاريخ ١٤/ ٧ / ١٤١٧ هـ في جامع الإمام تركي بن عبد الله بالرياض " الجامع الكبير ".
(٥) أخرجه ابن حبان في صحيحه ٩/ ٣٤٠، برقم ٤٠٣٢، وقال الألباني: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين. انظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم ٢٨٢، وقال شعيب الأرنؤوط في تخريجه لصحيح ابن حبان ٩/ ٣٤١: إسناده صحيح على شرط البخاري رجاله رجال الشيخين غير محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة فمن رجال البخاري. وأخرجه أحمد ١/ ١٦٨، دون ذكره: الجار الصالح، والجار السوء، وأخرجه البخاري في الأدب المفرد ١/ ٢٠٦ برقم ١١٦. وانظر: صحيح الأدب المفرد للألباني ص ٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>