للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: «لما كان يوم بدر نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين وهم ألف، وأصحابه ثلاثمائة وتسعة عشر رجلا فاستقبل نبي الله صلى الله عليه وسلم القبلة، ثم مدَّ يديه فجعل يهتف بربه (١) " اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإِسلام لا تعبد في الأرض "، فمازال يهتف بربه مادا يديه، مستقبل القبلة، حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فأتاه أبو بكر رضي الله عنه، فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه، ثم التزمه من ورائه وقال: " يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك؛ فإنه سينجز لك ما وعدك، فأنزل الله عز وجل: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ} [الأنفال: ٩] (٢) فأمده الله بالملائكة» (٣) «وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من العريش وهو يقول (٤). {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} [القمر: ٤٥] (٥)».

وهذا يبيِّن للدعاة إلى الله عز وجل والمجاهدين في سبيله أهمية الاستنصار وطلب العون من الله عز وجل.

سادسا: خطر حرص المدعو على الدنيا: دل الحديث على أن الهزيمة في أول المعركة كانت على المشركين، فلما أقبل بعض المسلمين على الغنائم استقبلهم المشركون بالسهام فحصل ما حصل ثم أنزل الله نصره وتراجع المسلمون. قال البراء رضي الله عنه: " إن هوازن كانوا قوما رماة، وإنا لما لقيناهم حملنا عليهم فانهزموا، فأقبل المسلمون على الغنائم، فاستقبلونا بالسهام "، وهذا يبين خطر الحرص على الدنيا، وفيه تحذير للمدعوين وغيرهم من الإِقبال على الحطام الفاني (٦).


(١) يهتف بربه: أي يصيح ويستغيث بالدعاء. انظر: شرح النووي على صحيح مسلم ١٢/ ٣٢٨.
(٢) سورة الأنفال، الآية: ٩.
(٣) متفق عليه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: البخاري مختصرا في كتاب المغازي، باب إِذْ تَسْتَغِيثونَ رَبَّكمْ فَاسْتَجَابَ لَكمْ، ٦/ ٦، برقم ٣٩٥٣، ومسلم بلفظه في كتاب الجهاد والسير، باب الإمداد بالملائكة في غزوة بدر، ٣/ ١٣٨٣، برقم ١٧٦٣.
(٤) البخاري، كتاب المغازي، باب قول الله تعالى إِذْ تَسْتَغِيثونَ رَبَّكمْ فَاسْتَجَابَ لَكمْ ٦/ ٦، برقم ٣٩٥٣.
(٥) سورة القمر، الآية: ٤٥.
(٦) انظر: فتح الباري بشرح صحيح البخاري لابن حجر، ٨/ ٢٩، والمنهل العذب الفرات، لأحمد عبد العال ٣/ ٢١٨، ٢٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>