للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عز وجل؛ ولهذا برزت شجاعة أبي طلحة ومن معه من الصحابة في معركة أحد، بل قد اشترك في هذه الصفة حتى النساء كما فعلت عائشة وأم سليم رضي الله عنهما. فينبغي للداعية أن يتحلى بهذه الصفة الحميدة (١).

ثالثا: الأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل: لا شك أن الأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سيد المتوكلين وقد أخذ بالأسباب وأقر أصحابه على الأخذ بها، فهذا أبو طلحة رضي الله عنه يدافع عنه بالسهام، والأقواس، ويستره بالترس، وهذه عائشة وأم سليم رضي الله عنهما تفرغان القرب في أفواه القوم؛ وقد ذكر ابن حجر رحمه الله: أن اتخاذ الآلات لا ينافي التوكل، والحذر لا يرد القدر، ولكن يضيِّق مسالك الوسوسة لما طبع عليه البشر (٢).

فينبغي للداعية أن يأخذ بالأسباب ويتوكل على الله عز وجل؛ لأن التوكل يقوم على ركنين: اعتماد القلب على الله عز وجل، والأخذ بالأسباب (٣).

رابعا: أهمية الإشراف على المدعو وملاحظته: دل الحديث على أنه ينبغي للداعية أن يشرف على المدعو ويلاحظه؛ لكي يطمئن على استقامته وإتقانه للعمل كما يحبه الله عز وجل، ومن ذلك ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم مع أبي طلحة رضي الله عنه في هذا الحديث كما قال أنس رضي الله عنه: " وكان أبو طلحة حسن الرمي فكان إذا رمى يشْرِف النبي صلى الله عليه وسلم فينظر إلى موضع نبله ".

خامسا: من وسائل الدعوة: إثارة غيرة الرجال: لا ريب أن إثارة غيرة الرجال من وسائل الدعوة، ففي غزوة أحد اشترك النساء في مداواة الجرحى وإسقاء المرضى وغير ذلك؛ قال الإِمام الأبي رحمه الله: " وفي حضور النساء معارك الحرب إثارة غيرة الرجال، وحمية


(١) انظر: الحديث رقم ٣٥، الدرس الخامس، ورقم ٦١، الدرس الثاني.
(٢) انظر: فتح الباري بشرح صحيح البخاري ٦/ ٩٤.
(٣) انظر: الحديث رقم ٣٠، الدرس الخامس.

<<  <  ج: ص:  >  >>