للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فينبغي للداعية أن ينظر إلى هذا الزهد العظيم، فيعلم أن الدنيا دار ممر ومتاع زائل (١).

ثامنا: من صفات الداعية: التواضع: التواضع من أجمل الصفات وأحسنها وقدوة الداعية في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد دل هذا الحديث على ذلك حينما وصل الخبر إلى النبي صلى الله عليه وسلم بموت أبي عامر شهيدا وطلبه رضي الله عنه الاستغفار من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم بماءٍ فتوضأ ثم رفع يديه فدعا لأبي عامر دعوات عظيمة. فينبغي للداعية إلى الله عز وجل أن يتصف بالتواضع اتباعا لسيد الأولين والآخرين صلى الله عليه وسلم (٢).

تاسعا: من صفات الداعية: الرحمة: ظهرت صفة الرحمة في هذا الحديث؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم دعا لأبي عامر بقوله: «اللهم اغفر لعبيد أبي عامر» ورفع يديه في الدعاء حتى رأى أبو موسى رضي الله عنه بياض إبطيه ثم قال: «اللهم اجعله يوم القيامة فوق كثير من خلقك من الناس» فالمبالغة في رفع الأيدي (٣).

وتكرير الدعاء وتنويعه يدل على رحمته صلى الله عليه وسلم (٤).

عاشرا: من صفات الداعية: الرغبة فيما عند الله عز وجل: إن من أجل الأعمال الصالحة وأجمل الصفات الحميدة: الرغبة فيما عند الله سبحانه وتعالى، وقد ظهرت هذه الصفة الكريمة في طلب أبي عامر الاستغفار له من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وظهرت هذه الرغبة أيضا عند أبي موسى رضي الله عنه عندما سمع استغفار النبي صلى الله عليه وسلم لأبي عامر، فقال: " ولي فاستغفر " فقال صلى الله عليه وسلم: «اللهم اغفر لعبد الله بن قيس ذنبه وأدخله يوم القيامة مدخلا كريما».


(١) انظر: الحديث رقم ٢، الدرس الأول، ورقم ١٥، الدرس الأول.
(٢) انظر: الحديث رقم ٦٥، الدرس الثالث.
(٣) انظر: مواطن رفع الأيدي في الدعاء: صحيح البخاري، كتاب الدعوات، باب رفع الأيدي في الدعاء، ٧/ ١٩٨، وكتاب رفع اليدين في الصلاة، للإمام البخاري أيضا، ص ١٧ - ١٦١.
(٤) انظر: الحديث رقم ٣، الدرس الأول، ورقم ٥٠، الدرس الرابع.

<<  <  ج: ص:  >  >>