للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقال: إن قول الله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: ٦٧] ليس فيه ما ينافي احتراسه من الناس، ولا ما يمنعه، كما أن إخبار الله تعالى عن نصره وإظهاره لدينه، ليس فيه ما يمنع الأمر بالقتال، وإعداد العَدَد والعدَد، والأخذ بالجد والحزم، والحذر. . . ولما بحثت عن ذلك وجدت الشريعة طافحة بالأمر له ولغيره بالتحصن، وأخذ الحذر، ومدافعتهم بالقتل، والقتال، وإعداد الأسلحة، والآلات، وقد عمل النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، وأخذ به، فلا تعارض في ذلك، والله الموفق المفهم ما هنالك " (١). وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله بعد أن ساق كلام القرطبي هذا: " وعلى هذا فالمراد العصمة من الفتنة والإِضلال، أو إزهاق الروح والله أعلم " (٢).

فينبغي لكل مسلم أن يعتمد بقلبه على الله عز وجل ويعمل بالأسباب النافعة (٣).

ثانيا: الابتلاء والامتحان لأولياء الله عز وجل: دل هذا الحديث على أن الابتلاء سنة من سنن الله عز وجل، فهو يبتلي عباده بالسراء والضراء، وأشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصاب بالسهر حتى حرسه سعد رضي الله عنه. فينبغي للعبد إذا أصابه البلاء أن يصبر ويسأل الله عز وجل العافية في الدنيا والآخرة (٤).

ثالثا: حب الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ظهر في هذا الحديث عظم حب الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ولهذه المحبة العظيمة جاء سعد في الليل، ليفدي بنفسه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وليسهر عينيه وينام رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فينبغي لكل مسلم أن يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من حبه ولده، ووالده، ونفسه والناس أجمعين (٥).


(١) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، ٦/ ٢٨٠ بتصرف يسير جدا.
(٢) فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ٦/ ٦٢.
(٣) انظر: الحديث رقم ٣٠، الدرس الخامس.
(٤) انظر: الحديث رقم ٩، الدرس الثامن، ورقم ٦٦، الدرس الأول.
(٥) انظر: الحديث رقم ٦٢، الدرس الثامن، ورقم ٦٣، الدرس الثامن.

<<  <  ج: ص:  >  >>