للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فينبغي أن يكون الداعية زاهدا في الدنيا راغبا فيما عند الله عز وجل (١).

سابعا: من صفات الداعية: إتقان العمل: إن من الصفات الحميدة: إتقان العمل كما يحبه الله عز وجل؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة» أي يكون كاملا في تلك الحالة، فلا يخاف الانقطاع، ولا يهتم بالسبق بل يلازم عمله، وما هو لأجله (٢) وهذا يدل على عنايته بما أمر به، وملازمته لعمله وإتقانه له، فإن كان في الحراسة في مقدمة الجيش أتقنها لئلا يهجم عليهم العدو، وإن كان في الساقة في مؤخرة الجيش أقام حيث أقيم لا يفقد من مكانه بحال (٣).

فينبغي للداعية إذا عمل عملا أن يتقنه؛ لأن الله عز وجل يحب ذلك.

ثامنا: من صفات الداعية: التواضع: ظهر في الحديث أن من الصفات الجميلة التواضع؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «إن استأذن لم يؤذن له وإن شفع لم يشفّع» قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " فيه ترك حب الرئاسة والشهرة، وفضل الخمول والتواضع " (٤) فهو إن استأذن لم يؤذن له؛ لعدم ماله وجاهه، وإن شفع في ما يحبه الله ورسوله لم تقبل شفاعته (٥). قال الطيبي رحمه الله: «إن استأذن لم يؤذن له»، " إشارة إلى عدم التفاته إلى الدنيا وأنهَا بهَا بحيث يعتني بكليته في نفسه: لا يبتغي مالا ولا جاها عند الناس، بل يكَون عند الله وجيها، ولم يقبل الناس شفاعته، وعند الله يكون شفيعا مشفعا " (٦).

وهذا يبين فضل التواضع لله عز وجل (٧).


(١) انظر: الحديث رقم ٥٢، الدرس الأول، ورقم ١٥، الدرس الأول.
(٢) انظر: مرقاة المفاتيح للملا علي القاري ٩/ ١٣.
(٣) انظر: شرح الطيبي على مشكاة المصابيح ١٠/ ٣٢٧٥.
(٤) فتح الباري ٦/ ٨٣.
(٥) انظر: فتح المجيد لشرح كتاب التوحيد، لعبد الرحمن بن حسن بن عبد الوهاب ٢/ ٦٣٩.
(٦) شرح الطيبي على مشكاة المصابيح ١٠/ ٣٢٧٥، ومرقاة المفاتيح لملا علي القاري ٩/ ١٤، قال صلى الله عليه وسلم: " رب أشعث مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره " صحيح مسلم برقم ٢٦٢٢ و ٢٨٥٤.
(٧) انظر: الحديث رقم ٦٢، الدرس الثالث.

<<  <  ج: ص:  >  >>