للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الحراسة " أي فهو في ثوب الحراسة، وقيل هو للتعظيم: والمراد منه لازمه: أي فعليه أن يأتي بلوازمه، ويكون مستقلا بخويصة عمله " (١) وقال الطيبي رحمه الله: " تقرر في علم المعاني أن الشرط والجزاء إذا اتحدا دل على فخامة الجزاء وكماله، والشريطتان مؤكدتان للمعنى السابق؛ فإن قوله صلى الله عليه وسلم: «آخذ بعنان فرسه» يدل على اهتمامه بشأن ما هو فيه من المجاهدة في سبيل الله، وليس له هم سواه، لا الدراهم ولا الدنانير، بله (٢) نفسه، فتراه أشعث رأسه مغبرة قدماه. فإن كان في الحراسة يبذل جهده فيها لا يفتر عنها بالنوم والغفلة ونحوهما؛ لأنه ترك نصيبه من الراحة والدعة، وإن كان في ساقة الجيش لا يخاف الانقطاع، ولا يهتم إلى السبق، بل يلازم ما هو لأجله، فعلى هذه القرينة إلى آخرها جاءت مقابلة للقرينة الأولى، فدلت الأولى على اهتمام صاحبها بعيش العاجلة، والثانية على اهتمام صاحبها بعيش الآجلة " (٣).


(١) فتح الباري ٦/ ٨٣. وانظر: شرح الكرماني على صحيح البخاري ٢/ ١٥٦.
(٢) بَلهَ: بمعنى دع واترك، تقول: بله زيدا. وقد يوضع موضع المصدر ويضاف، فيقال: بله زيدٍ: أي: تركَ زيد. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، باب الباء مع اللام، مادة: " بله " ١/ ١٥٤.
(٣) شرح الطيبي على مشكاة المصابيح، ١٠/ ٣٢٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>