للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال عز وجل: {وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا} [الطلاق: ١٢] (١) فبنى تقديره سبحانه وتعالى لمقادير الخلائق على هذا العلم السابق الأزلي، وقدر مقادير الخلائق: من السعادة والشقاوة وغير ذلك بحسب الأعمال التي سبق علمه بها من خير وشر (٢).

المرتبة الثانية: كتابة الله عز وجل لجميع الأشياء والمقادير في اللوح المحفوظ: الدقيقة والجليلة، ما كان وما سيكون، قال سبحانه وتعالى: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [الحج: ٧٠] (٣) وقد جمعت هذه الآية بين المرتبتين السابقتين. وقال عز وجل: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [الحديد: ٢٢] (٤) وقال سبحانه وتعالى: {وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ} [يس: ١٢] (٥)؛ ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة» قال: «وكان عرشه على الماء» (٦). وقال عبادة بن الصامت رضي الله عنه لابنه: يا بني، إنك لن تجد طعم حقيقة الإِيمان حتى تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن أول ما خلق الله القلم فقال له: اكتب، قال: ربِّ وماذا أكتب؛ قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة» يا بني إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من مات على غير هذا فليس مني» (٧) وفي لفظ للإِمام أحمد: «إن أول ما خلق الله تبارك وتعالى القلم، ثم قال اكتب، فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة» (٨).


(١) سورة الطلاق، الآية: ١٢.
(٢) انظر: جامع العلوم والحكم، لابن رجب ١/ ١٦٩.
(٣) سورة الحج، الآية: ٧٠.
(٤) سورة الحديد، الآية: ٢٢.
(٥) سورة يس، الآية: ١٢.
(٦) صحيح مسلم، كتاب القدر، باب حجاج آدم موسى، ٤/ ٢٠٤٤، برقم ٢٦٥٣. عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
(٧) سنن أبي داود، كتاب السنة، باب في القدر، ٤/ ٢٢٥، برقم ٤٧٠٠، واللفظ له، والترمذي، كتاب القدر، باب، حدثنا قتيبة، ٤/ ٤٥٧، برقم ٢١٥٤، وأحمد في المسند، ٣/ ٣١٧، وصححه العلامة الألباني، في صحيح سنن أبي داود ٣/ ٨٩٠.
(٨) المسند ٣/ ٣١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>