للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو أربع» (١).

ثانيا: من صفات الداعية: مراعاة أحوال المدعوين: ظهر في هذا الحديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نظر إلى حال عبد الرحمن بن عوف والزبير - رضي الله عنهما - وحاجتهما إلى العلاج، فراعى أحوالهما وخصهما ومن كان مثل حالهما، فأجاز لهما لبس الحرير؛ للضرورة، وهذا يدل على معرفته - صلى الله عليه وسلم - بطب الأبدان كما كان عارفا بطب الأديان؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يرخص لهذين الصحابيين إلا لمنفعة (٢).

وسمعت سماحة العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز حفظه الله يقول في ذكره لفوائد حديث الباب: " وهذا يدل على جواز لبس الحرير للعلاج، فالحرير محرم تحريما خاصا على الرجال، ويجوز لهم مقدار أربع أصابع فأقل، وهذا الحديث يدل على جوازه للعلاج للضرورة. أما المحرم تحريما عاما على الرجال والنساء، فلا يجوز العلاج به كالخمر " (٣).

فينبغي للداعية أن يراعي أحوال المدعوين وييسر عليهم على ضوء ما أباح الله لهم عند الحاجة والضرورة (٤).

ثالثا: العمل بالأسباب لا ينافي التوكل على الله عز وجل: إن العمل بالأسباب من التوكل على الله عز وجل؛ لأن التوكل يقوم على ركنين: العمل بالأسباب، واعتماد القلب على الله عز وجل؛ ولهذا رخص النبي - صلى الله عليه وسلم - لعبد الرحمن بن عوف، والزبير بن العوام في العلاج بالحرير من الحكة،


(١) متفق عليه: البخاري، كتاب اللباس، باب لبس الحرير للرجال، وقدر ما يجوز منه، ٧/ ٥٦، برقم ٥٨٢٨، ومسلم، كتاب اللباس والزينة، باب تحريم استعمال إناء الذهب والفضة على الرجال والنساء، وخاتم الذهب والحرير على الرجال وإباحته للنساء وإباحة العلم ونحوه للرجال ما لم يزد على أربع أصابع، ٣/ ١٦٤٤، برقم ٢٠٦٩ واللفظ له.
(٢) انظر: شرح النووي على صحيح مسلم ١٤/ ٢٩٢، وبهجة النفوس، لعبد الله بن أبي جمرة، ٣/ ١٢٩، وفتح الباري، لابن حجر، ٦/ ١٠١، وشرح رياض الصالحين، للعثيمين ٧/ ٣٤٨.
(٣) سمعته من سماحته أثناء شرحه لحديث رقم ٢٩٢١ من صحيح البخاري.
(٤) انظر: الحديث رقم ١٩، الدرس الثالث، ورقم ٥٨، الدرس السابع.

<<  <  ج: ص:  >  >>