للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فينبغي للداعية أن يعلم أن من أصناف المدعوين أهل الصلاح والاستقامة، وقد يكون هو منهم في بعض الأحيان (١).

عاشرا: من أصناف المدعوين: اليهود مع خبثهم وسوء أدبهم: دل استئلاف النبي - صلى الله عليه وسلم - لليهود في هذا الحديث على أنهم من أصناف المدعوين؛ ولهذا لم يعاقبهم على قولهم القبيح: " السام عليك " رغبة منه - صلى الله عليه وسلم - في إسلامهم كما بين ذلك ابن حجر رحمه الله. (٢).

واليهود لهم أعمال خبيثة قبيحة، منها قولهم: " السام عليك "؛ فإنهم قد أوهموا أنهم يقولون: " السلام عليك " ولكنهم حرفوا الكلم عن مواضعه، وقصدوا الموت قبحهم الله، ومن خبثهم قولهم: " راعنا " وقد ذكر كثير من أهل العلم أنها كلمة تقولها اليهود على وجه الاستهزاء والمسبة. (٣).

قال الله عز وجل: {مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء: ٤٦] (٤)؛ ولهذا نهى الله المؤمنين أن يخاطبوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بهذه الكلمة فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [البقرة: ١٠٤] (٥).

ولا شك أن اليهود قلوبهم قاسية ويحرفون الكلم عن مواضعه، ولكن لإقامة الحجة عليهم ينبغي للداعية أن يسلك معهم في دعوتهم إلى الله - عز وجل -خمسة مسالك:

١ - يبين لهم بالأدلة العقلية والنقلية أن الإسلام قد نسخ جميع الشرائع السابقة.


(١) انظر: الحديث رقم ٧١، الدرس السابع ورقم ٧٦، الدرس الرابع.
(٢) انظر: فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ١٢/ ٢٨١، وانظر: الدرس الثامن من هذا الحديث.
(٣) انظر: تفسير الطبري " جامع البيان عن تأويل آي القرآن " ٨/ ٤٣٥، ٢/ ٤٥٩ - ٤٦٧.
(٤) سورة النساء، الآية: ٤٦.
(٥) سورة البقرة، الآية: ١٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>