للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولا: من صفات الداعية: الثبات والصبر: دل هذا الحديث على أن الصبر والثبات من الصفات الحميدة؛ ولهذا بين سلمة بن الأكوع أنهم بايعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الحديبية على الموت، والمقصود بالمبايعة على الموت: أي المبايعة على الصبر والثبات وعدم الفرار وإن أدى ذلك إلى الموت، فيكون مؤدى البيعة على الموت، والبيعة على عدم الفرار واحد (١). وهذا يؤكد صبر الصحابة - رضي الله عنهم - وشجاعتهم التي لا نظير لها عند غيرهم (٢).

ثانيا: عظم محبة الصحابة - رضي الله عنهم - لرسول الله صلى الله عليه وسلم: بين هذا الحديث عظم محبة الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ولهذا عاهدوه وبايعوه على أن يثبتوا ولا يفروا، ويصبروا ولا يجزعوا، ولو آل ذلك إلى الموت، وهذه المبايعة الصادقة على الموت تدل على المحبة الصادقة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، والرغبة العظيمة في الذود والدفاع عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودعوته (٣).

ثالثا: من أساليب الدعوة: التأكيد بالتكرار: دل هذا الحديث على أن من أساليب الدعوة: التأكيد بالتكرار؛ ولهذا «قال - صلى الله عليه وسلم - لسلمة بن الأكوع: " يا ابن الأكوع ألا تبايع؟ " قال: قد بايعت يا رسول الله، قال: " وأيضا» قال: فبايعته الثانية.

قال ابن حجر رحمه الله: " بايع النبي - صلى الله عليه وسلم - لسلمة مكررا. قيل: لأنه كان مقداما في الحرب، فأكد عليه احتياطا، أو لأنه كان يقاتل قتال الفارس والراجل فتعددت البيعة بتعدد الصفة " (٤). وقال العيني رحمه الله: " إنما قال ذلك مع أنه بايع مع الناس؛ لأنه أراد تأكيد بيعته؛ لشجاعته وشهرته بالثبات؛ فلذلك أمره بتكرير المبايعة " (٥).


(١) انظر: شرح الكرماني على صحيح البخاري، ١٢/ ٩٩، وإكمال إكمال المعلم شرح صحيح مسلم، للأبي، ٦/ ٥٧٧، وفتح الباري لابن حجر ٧/ ٤٥٠، وحاشية السندي على سنن النسائي، ٧/ ١٤١.
(٢) انظر: الحديث رقم ٩٧، الدرس الثاني، ورقم ٩٨ الدرس الأول.
(٣) انظر: الحديث رقم ٦٢، الدرس الثامن، ورقم ٦٣، الدرس الثامن.
(٤) فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ٦/ ١١٩.
(٥) عمدة القاري شرح صحيح البخاري، ١٤/ ٢٢٤، وانظر: ٢٤/ ٢٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>