للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عاشرا: من صفات الداعية: التقوى: دل كلام عبد الله بن مسعود رضي الله عنه على أن التقوى من الصفات العظيمة التي ينبغي أن يلتزمها كل مسلم، وخاصة الدعاة إلى الله عز وجل؛ ولهذا قال رضي الله عنه: " وإن أحدكم لا يزال بخير ما اتقى الله " وقد أمر الله بالتقوى في آيات كثيرة في كتابه العظيم؛ ومنها قوله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: ١٠٢] (١) قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في قوله عز وجل: {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} [آل عمران: ١٠٢] أن يطاع فلا يعصى، ويذكر فلا ينسى، وأن يشكر فلا يكفر (٢).

وقال عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا - يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: ٧٠ - ٧١] (٣) وقال سبحانه وتعالِى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا - وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: ٢ - ٣] (٤) وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم الدعاة إلى الله عز وجل بالتقوى فقال لمعاذ بن جبل رضي الله عنه: «اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن» (٥) وحقيقة التقوى كما قال طلق بن حبيب رحمه الله: " التقوى أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله على نور من الله تخاف عقاب الله " (٦) وأصل التقوى أن يجعل العبد بينه وبين ما يخافه ويحذره وقاية تقيه منه، فتقوى العبد لربه أن يجعل بينه وبين ما يخشاه من ربه: من غضبه، وسخطه، وعقابه وقاية تقيه من ذلك، وهو فعل طاعته واجتناب معاصيه، والتقوى الكاملة: فعل الواجبات، وترك المحرمات والشبهات،


(١) سورة آل عمران، الآية: ١٠٢.
(٢) الطبراني في المعجم الكبير، ٩/ ٩٢، برقم ٨٥٠٢، والحاكم في المستدرك، ٢/ ٢٩٤، وانظر: جامع العلوم والحكم لابن رجب، ١/ ٤٠١.
(٣) سورة الأحزاب، الآيتان ٧٠ - ٧١.
(٤) سورة الطلاق، الآيتان ٢ - ٣.
(٥) الترمذي، كتاب البر والصلة، باب ما جاء في معاشرة الناس، ٤/ ٣٥٥، برقم ١٩٨٧، وقال: " هذا حديث حسن صحيح "، وأحمد في المسند، ٥/ ١٥٣، والحاكم ١/ ٥٤ وصححه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.
(٦) جامع العلوم والحكم للحافظ ابن رجب، ١/ ٤٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>