للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإِجابة بالحق، فيضمحل الشك والتردد، ويثبت اليقين (١) والله المستعان. (٢).

الثالث عشر: من أساليب الدعوة: التشبيه: لا شك أن هذا الحديث دل على أسلوب التشبيه في قول ابن مسعود رضي الله عنه: " والذي لا إله إلا هو ما أذكر ما غبر من الدنيا إلا كالثغب شرِبَ صفوه وبقي كدره " ومال ابن حجر إلى أن قول: " ما غبر " أي مضى من الدنيا؛ لأن ابن مسعود رضي الله عنه قال: " ما أذكر ما غبر " وهو من الأضداد يطلق على ما مضى وعلى ما بقي وهو هنا محتمل للأمرين (٣) قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " فشبه ما مضى من الدنيا بما شرب من صفوه، وما بقي منها بما تأخر من كدره " (٤) وقال العلامة العيني رحمه الله على الاحتمال الثاني: " شبَّهَ بقاء الدنيا ببقاء غدير ذهب صفوه وبقي كدره " (٥) والله المستعان. (٦).

الرابع عشر: من صفات الداعية: الزهد: ظهر في قول ابن مسعود رضي الله عنه: أن ما مضى من الدنيا ما هو إلا كماء قليل في نقرة في صخرة، وقد ذهب صفو هذا الماء القليل وبقي كدره، وعلى الاحتمال الثاني: شبه ما بقي من الدنيا ببقاء غدير ذهب صفوه وبقي كدره، وهذا يدل على أنه ينبغي للداعية الزهد فيها والإِكثار من الطاعات؛ ولهذا قال الإِمام ابن هبيرة رحمه الله: " قوله: " ما غبر من الدنيا " أي ما فَنِيَ، والثغب: هو الماء المستنقع في الموضع المطمئن، وإذا كان عبد الله يقول هذا في زمانه فكيف في زماننا؛ إلا أنه لابد من المقاربة والتسديد، والاستعانة بالله عز وجل على عبادته " (٧)


(١) انظر: شرح الكرماني على صحيح البخاري، ١٢/ ٢٠١.
(٢) انظر: الحديث رقم ١٩، الدرس الرابع، ورقم ٣٠، الدرس الرابع، ورقم ٩٢ الدرس الرابع.
(٣) انظر: فتح الباري بشرح صحيح البخاري ٦/ ١٢٠.
(٤) المرجع السابق ٦/ ١٢٠.
(٥) عمدة القاري شرح صحيح البخاري، ١٤/ ٢٢٧.
(٦) انظر: الحديث رقم ١٨، الدرس الرابع، ورقم ١٩، الدرس الخامس.
(٧) الإفصاح عن معاني الصحاح ٢/ ٩٢، قلت: وإذا كان هذا كلام ابن هبيرة رحمه الله ثمان مائة وثمان وخمسين سنة، فكيف بزماننا هذا؛ والله المستعان. .

<<  <  ج: ص:  >  >>