للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الروايات ثم قال: " فينتظم بهذا سبع عشرة خصلة ويمكن أن يوجد أكثر من ذلك لمن أمعن التتبع " (١).

قال ابن حجر رحمه الله في الجمع بين هذه الخصائص: " وطريق الجمع أن يقال: لعله اطلع أولا على بعض ما اختص به ثم اطلع على الباقي، ومن لا يرى مفهوم العدد حجة يدفع هذا الإِشكال من أصله " (٢). قال الإِمام القرطبي رحمه الله: " لا يظنّ القاصد أن هذا تعارض، وإنما يظن هذا من توهم أن ذكر الأعداد يدل على الحصر، وأنها لها دليل خطاب، وكل ذلك باطل؛ فإن القائل عندي خمسة دنانير- مثلا- لا يدل هذا اللفظ على أنه ليس عنده غيرها، ويجوز له أن يقول تارة أخرى: عندي عشرون، وتارة أخرى: عندي ثلاثون، فإن من عنده ثلاثون صدق عليه أن عنده عشرين، وعشرة، فلا تناقض ولا تعارض. ويجوز أن يكون النبيّ صلى الله عليه وسلم أعلم في وقت بالثلاث، وفي وقت بالخمس، وفي وقت بالست، والله أعلم " (٣).

فينبغي للداعية أن يعلم خصائص النبي صلى الله عليه وسلم وهذه الأمة، ثم ينشرها بين الناس.

ثانيا: من صفات الداعية: الإيجاز في اللفظ واتساع المعاني: إن من الصفات الحميدة التي ينبغي للداعية أن يتصف بها الإِيجاز في الألفاظ والاتساع في المعاني؛ لأن من درب عقله ولسانه على اختيار الألفاظ المشتملة على المعاني الكثيرة تعوَّد على ذلك ونفع الناس؛ ولهذا أعطي النبي صلى الله عليه وسلم جوامع الكلم؛ وقد جمع كثير من علماء الإِسلام بعض الأحاديث قليلة الألفاظ كثيرة المعاني والأحكام والفوائد (٤).


(١) فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ١/ ٤٣٩.
(٢) المرجع السابق ١/ ٤٣٦.
(٣) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، ٢/ ١١٥.
(٤) مثل: كتاب الأربعين النووية فيه اثنان وأربعون حديثا من جوامع الكلم، ثم زاد عليها الحافظ ابن رجب ثمانية أحاديث وشرح جميعها، وسمى كتابه " جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثا من جوامع الكلم " ومن ذلك كتاب " بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخبار في شرح جوامع الأخبار " للعلامة عبد الرحمن السعدي، جمع فيه مائة حديث وشرحها. وغير ذلك. وانظر: جامع العلوم والحكم لابن رجب ١/ ٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>