للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبي صلى الله عليه وسلم دعا الناس بفعله في هذا الحديث إلى التواضع، والحلم، والصبر، وتحمل الأذى، وإفشاء السلام، وإطفاء الفتن، والعفو والصفح، والحرص على الدعوة إلى الله عز وجل (١) وهذا يؤكد على الدعاة إلى الله رحمه الله العناية بتعليم الناس وحضهم على مكارم الأخلاق؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» (٢) وقد دعا الناس إلى هذه المكارم بقوله وفعله صلى الله عليه وسلم (٣).

ثانيا: من صفات الداعية: التواضع: دل هذا الحديث على صفة التواضع من عدة وجوه: ركوب النبي صلى الله عليه وسلم الحمار، وركوبه على قطيفة، وإردافه الغلام، وزيارته صلى الله عليه وسلم لسعد بن عبادة؛ فإن زيارة الكبير للصغير من التواضع (٤).

فينبغي للداعية أن يكون متواضعا اقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم (٥).

ثالثا: من وسائل الدعوة: الزيارة والعيادة: إن من وسائل الدعوة المؤثرة في حياة المدعو: الزيارة وعيادة المرضى، وقد دلَّ فعل النبي صلى الله عليه وسلم بزيارته لسعد بن عبادة في هذا الحديث على ذلك؛ قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " فيه عيادة الكبير بعض أتباعه في داره " (٦).

فينبغي للداعية أن يعتني بهذه الوسيلة عناية خاصة؛ ولهذا بين النبي صلى الله عليه وسلم فضل الزيارة في الله عز وجل وعيادة المرضى، فعن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: «جاء أبو موسى الأشعري رضي الله عنه: يعود الحسن بن علي رضي الله عنهما، فقال له عليّ رضي الله عنه: أجئت عائدا أم شامتا؟ فقال: بل جئت عائدا، فقال علي: إن جئت عائدا فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من أتى أخاه المسلم عائدا مشى في خرافة


(١) انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، ١٢/ ٤٠١.
(٢) البيهقي، ١٠/ ١٩٢، وأحمد، ٢/ ٣٨١، والحاكم، ٢/ ٦١٣، وتقدم تخريجه في الحديث رقم ١٤، الدرس الأول، ص ١٣٩.
(٣) انظر: الحديث رقم ١٤، الدرس الأول، ورقم ٣٥، الدرس التاسع.
(٤) انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، ١٢/ ٤٠٥، وعمدة القاري للعيني، ١٤/ ٢٤٠، ١٨/ ٥٥.
(٥) انظر: الحديث رقم ٣٣، الدرس الحادي عشر، ورقم ٦٢، الدرس الثالث.
(٦) فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ٨/ ٢٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>