للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كاد قلبي أن يطير [وذلك أول ما وقر الإِيمان في قلبي]» (١) وهذا يدل على تأثير القرآن الكريم في القلوب، وكذلك ينبغي للداعية أن يذَكِّر بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنها الوحي الثاني ولها تأثير في القلوب أيضا ومما يدل على تأثير كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم في القلوب قصة ضماد رضي الله عنه عندما قدم مكة وكان يرقي من الجن فسمع سفهاء من أهل مكة يقولون إن محمدا مجنون، فقال: لو أني رأيت هذا الرجل لعل الله أن يشفيه على يديَّ، فلقيه فقال: «يا محمد إني أرقي من هذه الريح (٢) وإن الله يشفي على يديَّ من شاء، فهل لك (٣)؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الحمدَ لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله. أما بعد " فقال: أعد عليَّ كلماتك هؤلاء، فأعادهن عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات. فقال: لقد سمعت قول الكهنة، وقول السحرة، وقول الشعراء، فما سمعت مثل كلماتك هؤلاء، ولقد بَلَغْنَ ناعوس البحر (٤) فقال؛ هات يدك أبَايعْكَ على الإِسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " وعلى قومك؟ " قال: وعلى قومي» (٥). وهكذا ما جاء عن الطفيل بن عمرو رضي الله عنه أنه كان شاعرا وسيدا في قومه فقدم مكة فحذرته قريش من مقابلة الرسول صلى الله عليه وسلم، وقالوا: إن كلامه كالسحر فاحذره أن يدخل عليك وعلى قومك ما أدخل علينا؛ فإنه يفرق بين المرء وزوجه، وبين المرء وابنه، فما زالوا يحذرونه، حتى حلف أن لا يدخل المسجد إلا وقد سد أذنيه، فسد أذنيه بقطن، ثم دخل المسجد، فأعجبه فقال في نفسه: إني امرؤ ثبت ما تخفى عليَّ الأمور: حسنها


(١) متفق عليه: البخاري، كتاب تفسير القرآن، سورة الطور، باب: حدثنا عبد الله بن يوسف، ٦/ ٦٨ برقم ٤٨٥٤، وما بين المعكوفين من الطرف رقم ٤٠٢٣ من كتاب المغازي ٥/ ٢٥، وأخرجه مسلم بنحوه في كتاب الصلاة باب القراءة في الصبح، ١/ ٣٣٨، برقم ٤٦٣.
(٢) المراد بالريح هنا: الجنون ومس الجن. شرح النووي على صحيح مسلم ٦/ ٤٠٦.
(٣) أي فهل لك رغبة في رقيتي وهل تميل إليها. انظر: المرجع السابق ٦/ ٤٠٦.
(٤) قيل: ناعوس البحر، وقيل: قاموس البحر، وهو وسطه، ولجته، أو قعره. انظر: شرح النووي على صحيح مسلم ٦/ ٤٠٧.
(٥) مسلم، كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، ٢/ ٥٩٣، برقم ٨٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>