للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لمسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كان ينهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدوِّ مخافة أن يناله العدوّ» (١) وفي رواية: «لا تسافروا بالقرآن فإني لا آمن أن يناله العدوّ» (٢) قال الإمام النووي رحمه الله: " فيه النهي عن المسافرة بالمصحف إلى أرض الكفار للعلة المذكورة في الحديث، وهي خوف أن ينالوه فينتهكوا حرمته، فإن أمنت هذه العلة، بأن يدخل في جيش المسلمين الظاهرين عليهم فلا كراهة ولا منع منه حينئذ هذا هو الصحيح، وبه قال أبو حنيفة والبخاري وآخرون " (٣).

وسمعت العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز حفظه الله يقول في النهي عن السفر بالقرآن إلى بلاد العدوّ: " وهذا إذا كان يخشى عليه أن يمتهنوه، أما إذا لم يخشَ عليه فلا حرج، والخطر على ما في المصاحف أما ما في الصدور فيحمل ويدعى به، وحمل المصحف إلى بلاد الكفار منهي عنه: سواء كانوا حربيين أو غير ذلك إذا خشي عليه " (٤).

فينبغي للدعاة إلى الله عز وجل أن يحضوا الناس على تعظيم القرآن الكريم وإكرامه، وعدم السفر به إلى بلاد الكفار إذا خشي عليه الإِهانة والامتهان.

ثانيا: من صفات الداعية: الحرص على إكرام وتعظيم القرآن الحكيم: ظهر في هذا الحديث حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تعظيم القرآن الكريم وإكرامه؛ ولهذا نهى عن السفر به إلى بلاد العدوِّ؛ لئلا يهان؛ لأن المشركين واليهود والنصارى أعداء الإِسلام وخاصة إذا كانوا حربيين؛ قال الله عز وجل: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقرة: ١٢٠] (٥) والقرآن الكريم لا يمسه إلا طاهر، وهؤلاء خبثاء نَجَس، قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [التوبة: ٢٨] (٦)


(١) صحيح مسلم، كتاب الإِمارة، باب النهي أن يسافر بالمصحف إلى أرض الكفار إذا خيف وقوعه بأيديهم، ٣/ ١٤٩١ برقم ١٨٦٩.
(٢) المرجع السابق، في الكتاب والباب المشار إليهما، ٣/ ١٤٩١.
(٣) شرح النووي على صحيح مسلم، ١٣/ ١٦، وانظر: إكمال إكمال المعلم للأبي، ٦/ ٥٩٠، وفتح الباري لابن حجر، ٦/ ١٣٣، وعمدة القاري للعيني، ١٤/ ٢٤٢، وشرح الزرقاني على موطأ مالك، ٣/ ١٣.
(٤) سمعت ذلك من سماحته أثناء شرحه لحديث رقم ٢٩٩٠، من صحيح البخاري.
(٥) سورة البقرة، الآية ١٢٠.
(٦) سورة التوبة، الآية ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>