للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي طالب والزبير بن العوام، والمقداد، وفي رواية وأبا مرثد الغنوي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم وقال لهم: «انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ، فإن بها ظعينة ومعها كتاب فخذوه منها» وهذا يؤكد أهمية إرسال الرسل وبعثهم لنصرة الإسلام والدعوة إليه (١).

ثانيًا: من موضوعات الدعوة: التحذير من الخيانة لله ولرسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ظهر في مفهوم هذا الحديث أن من موضوعات الدعوة تحذير الناس من الخيانة لله ورسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لأن حاطب بن أبي بلتعة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أرسل كتابًا إلى قريش يخبرهم فيه بغزو رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وذكر ابن حجر رحمه الله أن لفظ الكتاب: "أما بعد يا معشر قريش؛ فإن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جاءكم بجيش كالليل، يسير كالسيل، فوالله لو جاءكم وحده لنصره الله وأنجز له وعده، فانظروا لأنفسكم، والسلام" (٢). وهذا فيه إفشاء سر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وخيانته، وقد حذر الله عَزَّ وجَلَّ من الخيانة لله ورسوله فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ - وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} [الأنفال: ٢٧ - ٢٨] (٣). فينبغي للداعية أن يحذر الناس من الخيانة عامة، وخاصة من خيانة الله ورسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

ثالثًا: من صفات الداعية: المسارعة في الاستجابة لله ولرسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: دل هذا الحديث على أن المسارعة في الاستجابة لله ورسوله من أهم المهمات، وأعظم القربات؛ ولهذا سارع هؤلاء الأربعة: علي، والزبير، والمقداد، وأبو مرثد رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم، في الاستجابة لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ". . . فانطلقنا تعادى بنا خيلنا حتى انتهينا إلى الروضة فإذا نحن بالظعينة. . . " وهذا فيه دلالة ظاهرة على استجابتهم لله ورسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والمسارعة في ذلك، قال الله عَزَّ وجَلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [الأنفال: ٢٤] (٤).


(١) انظر: الحديث رقم ٦٦، الدرس الثالث، ورقم ٩٥، الدرس الثاني.
(٢) فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ٧/ ٥٢١.
(٣) سورة الأنفال، الآيتان: ٢٧ - ٢٨.
(٤) سورة الأنفال، الآية: ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>