للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك يدخل في قوله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف: ١٠٨] (١). فالدعوة يجب أن تكون على بصيرة، ويقين وبرهان عقلي وشرعي (٢) ولا تكون كذلك إلا إذا كانت على علم وبيان من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

والداعية لا يكون على بصيرة إلا إذا دعا إلى الله على بصيرة في ثلاثة أمور:

الأمر الأول: أن يكون على بصيرة فيما يدعو إليه، وذلك بالعلم لا بالجهل.

الأمر الثاني: أن يكون على بصيرة في حال المدعو، فلا بد من معرفة حال المدعو؛ ليدعوه بالطريقة والكيفية التي تناسبه، وتكون أكثر فائدة له، وتأثيرا فيه.

الأمر الثالث: أن يكون على بصيرة في كيفية الدعوة (٣).

٣ - إن التفرق الذي يقع بين الدعاة ما وقع إلا لعدم فقه الدعوة من الكتاب والسنة وفق فهم السلف الصالح، فمن هنا تأتي أهمية العناية بفقه الدعوة في السنة النبوية.

٤ - إن أصح الكتب بعد القرآن الكريم العزيز، الصحيحان: صحيح الإمام البخاري، وصحيح الإمام مسلم - رحمهما الله- (٤). ومن هذين الكتابين اخترت المشاركة في فقه الدعوة في صحيح الإمام البخاري رحمه الله؛ لأن (كتاب البخاري أصحهما وأكثرهما فوائد ومعارف ظاهرة وغامضة؛ وقد صح أن مسلما كان ممن يستفيد من البخاري ويعترف بأنه ليس له نظير في علم الحديث، قال الإمام النووي - رحمه الله: " وهذا الذي ذكرناه من ترجيح كتاب البخاري هو المذهب المختار الذي قاله الجماهير وأهل الإتقان والحذق والغوص على أسرار الحديث " (٥).


(١) سورة يوسف، الآية: ١٠٨.
(٢) انظر: تفسير القرآن العظيم للإمام أبي الفداء إسماعيل بن كثير ٢/ ٤٩٦.
(٣) انظر: زاد الداعية إلى الله، للشيخ محمد بن صالح العثيمين ص ٧.
(٤) انظر: علوم الحديث، لابن الصلاح، ص ١٨، ومقدمة شرح النووي على صحيح مسلم، ص ١٤، والتقريب في فن أصول الحديث للنووي، ص ٣، واختصار علوم الحديث، لأبي الفداء ابن كثير، مع شرحه الباعث الحثيث، لأحمد شاكر ١/ ١٠٣.
(٥) مقدمة شرح صحيح مسلم للنووي ص ١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>