للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحادي عشر: من معجزات النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: استجابة دعواته: دل هذا الحديث على أن من معجزات النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إجابة دعواته؛ ولهذا دعا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لجرير بعد أن اشتكى إليه عدم ثبوته على الخيل فضرب صدره وقال: «اللهم ثبته واجعله هاديًا مهديًّا» قال الإمام القرطبي رحمه الله: "فدعا له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأكثر مما طلب بالثبوت (١) مطلقا، وبأن يجعله هاديًا لغيره، مهديًّا لنفسه، فكان كل ذلك، وظهر عليه جميع ما دعا له به، وأول ذلك أنه نفر في خمسين ومائة فارس لذي الخلصة فحرقها، وعمل فيها جميلًا لا يعمله خمسة آلاف" (٢) وسمعت العًلامة عبد العزيز بن عبد الله ابن باز حفظه الله يقول: "وفيه علم من أعلام النبوة؛ لأنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضرب صدره فثبت على الراحلة" (٣).

وهذا يدل على صدقه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنه عبد الله ورسوله (٤).

الثاني عشر: من أساليب الدعوة: الترهيب: دل هذا الحديث على أسلوب الترهيب؛ لأن جرير بن عبد الله رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عندما قدم إلى اليمن كان بها رجل يستقسم بالأزلام، فقيل له: إن رسول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ها هنا، فإن قدر عليك ضرب عنقك، فبينما هو يضرب بها إذ وقف عليه جرير فقال: "لتكسرنها ولتشهدن أن لا إله إلا الله أو لأضربن عنقك، فكسرها وشهد. . . ". وهذا يبين أهمية أسلوب الترهيب في الدعوة إلى الله عَزَّ وجَلَّ. (٥).

الثالث عشر: من صفات الداعية: مراعاة أحوال المدعوين: ظهر في هذا الحديث أن من الصفات الحميدة الحكيمة؛ مراعاة أحوال المدعوين؛ ولهذا ما حجب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جرير بن عبد الله منذ أسلم، والمقصود أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عندما يعلم استئذان جرير يترك كل شيء ويأذن له فورًا، مبادرًا لذلك،


(١) هكذا في الأصل، ولعله "بالثبات".
(٢) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، ٦/ ٤٠٤.
(٣) سمعت ذلك من سماحته أثناء شرحه لحديث رقم ٣٠٧٦ من صحيح البخاري.
(٤) انظر: الحديث رقم ٩١، الدرس التاسع.
(٥) انظر: الحديث رقم ٧، الدرس الثالث عشر، ورقم ١٢، الدرس الثالث.

<<  <  ج: ص:  >  >>