للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولا: أهمية تبليغ العلم النافع للناس: دل مفهوم هذا الحديث على أهمية تبليغ العلم النافع للناس؛ فإن ابن عباس رضي الله عنهما قد بلغ في هذا الحديث علم الفرائض- الذي هو نصف العلم- وبينه للناس بيانا واضحا؛ فقد بين صلى الله عليه وسلم أن المال الذي يخَلِّفه الميت كان يأخذه أولاده ميراثا، وكانت الوصية في أول الإسلام واجبة للوالدين والأقربين على ما يراه الموصي من المواساة والتفضيل، ثم نسخ الله عز وجل من ذلك ما أحب وحدد الفرائض وأعطى كل ذي حق حقه (١).

فينبغي للدعاة إلى الله تعالى أن يقتدوا بحبر الأمة ويبلغوا العلم النافع للناس؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «بلغوا عني ولو آية» (٢) ودعا صلى الله عليه وسلم بالنَّضَارة، وهي: النعمة والبهجة لمن بلغ عنه عليه الصلاة والسلام، فقال: «نَضّرَ الله امرأ سَمِعَ مِنَّا حديثا فحفظه حتى يبلغه غيره، فَربَّ حَامِل فقهٍ إلى من هو أفقه منه، وربَّ حامِل فِقْهٍ ليس بفقيهٍ» (٣) وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: «نَضّرَ الله امرأ سمع مقالتي فوعاها، وحفظها وبلّغها، فَرب حامل فِقهٍ إلى من هو أفقه منه. ثلاث لا يَغِلّ (٤) عليهنَّ قَلْب مسلم: إخلاص العمل لله، ومناصحة أئمة المسلمين، ولزوم جماعتهم؛ فإن الدعوة تحيط من ورائهم» (٥) فعلى الدعاة إلى الله عز وجل أن يرغبوا في هذا الفضل العظيم، وهذه الدعوة المباركة. والله المستعان.


(١) انظر: عمدة القاري للعيني، ١٤/ ٣٨، وإرشاد الساري للقسطلاني، ٥/ ٨، ٩/ ٤٣٣.
(٢) البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب ما ذكر عن بني إسرائيل ٤/ ١٧٥، برقم ٣٤٦١.
(٣) أبو داود، كتاب العلم، باب فضل نشر العلم ٣/ ٣٢٢، برقم ٣٦٦٠، من حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه. والترمذي، كتاب العلم، باب ما جاء في الحث على تبليغ السماع ٥/ ٣٣، برقم ٢٦٥٦. وصححه الألباني في صحيح الترمذي ٢/ ٣٨٨.
(٤) يَغِل: من الغل. الحقد والضِّغن، أي لا يدخل قلبه شيء من الحقد يزيله عن الحق، ويروى بضم الياء وكسر الغين: " يغِل " ومعناه الخيانة، والإغلال الخيانة في كل شيء، والمعنى: أن هذه الخصال الثلاث تصلح بها القلوب فمن تمتك بها طهر قلبه من الدغل والقساوة.
انظر: جامع الأصول لابن الأثير ١/ ٢٦٧ - ٢٦٨.
(٥) الترمذي، كتاب العلم، باب ما جاء في الحث على تبليغ السماع ٥/ ٣٤ برقم ٢٦٥٨، وأحمد في المسند، ١/ ٤٣٧، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح ١/ ٧٨، وعبد القادر الأرنؤرط في جامع الأصول ١/ ٢٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>