للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهو يقدم الذرية بالإِرث على الأصول وعلى بقية القرابة، ومع هذا فلا يحرم الأصول ولا بقية القرابات، بل يجعل لكل ذي نصيبٍ نصيبه (١) وهذا نظام العدالة والمواساة. والرحمة: {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت: ٤٢] (٢).

٣ - الإسلام يحترم الملكية الفردية، فنظام التوريث يعطينا دلالة واضحة على احترام هذا الدين للملكية الفردية؛ لأنه يسلم الثروة التي يخلفها الميت إلى يد وارثه موفورة محترمة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «ومن ترك مالا فلورثته» (٣) وهذا من أكبر الدوافع التي تقوي نشاط أهل الأموال إلى الاستثمار، وبذل الجهد في ذلك؛ لأن الإنسان الذي يعرف أن الأموال التي بذل جهده في جمعها تصير بعد ذلك إلى غير ورثته ولا ينتفع بها أولاده لا يحافظ عليها، ولا يحميها. وهذا يدل على سماحة الإسلام وحفظه لحقوق الإنسان كما قال تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: ٣٨] (٤).

ثالثا: من موضوعات الدعوة: بيان الناسخ والمنسوخ: الإسلام نسخ جميع الشرائع السابقة، ومعلوم أن أصل دين الأنبياء عليهم الصلاة والسلام واحد، وهو " التوحيد "، أما الشرائع فقد نسختها شريعة محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأن الله ختم بها جميع الشرائع، وأرسله إلى الإِنس والجن، قال الله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: ٨٥] (٥) وحديث ابن عباس يظهر منه جليّا وقوع النسخ، ولهذا قال ابن حجر رحمه الله على قول ابن عباس رضي الله عنهما: " فنسخ من ذلك ما أحب ": " وفيه رد على من أنكر النسخ " (٦)


(١) انظر: التحقيقات المرضية للفوزان، ص ٢٠.
(٢) سورة فصلت، الآية: ٤٢.
(٣) البخاري، كتاب الاستقراض وأداء الديون والحجر والتفليس، باب الصلاة على من ترك دينا ٣/ ١١٦، برقم ٢٣٩٨.
(٤) سورة الأنعام، الآية: ٣٨.
(٥) سورة آل عمران، الآية: ٨٥.
(٦) فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ٨/ ٢٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>