للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ - وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ - أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} [آل عمران: ١٤٠ - ١٤٢] (١) وقال - عز وجل: {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} [آل عمران: ١٧٩] (٢) ولا شك أن الصحابة - رضي الله عنهم - استفادوا من هذا الابتلاء والامتحان، فلم يعودوا إلى مثل ما فعلوه في معركة أحد؛ وبالغوا في طاعة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلّْمُ، وأخذوا الحذر من عدوِّهم، وعرفوا المنافقين من الصادقين - رضي الله عنهم (٣)؛ ولهذا مدحهمِ الله - عز وجل - فقال: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ - الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ - فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} [آل عمران: ١٧٢ - ١٧٤] (٤).

وذلك أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلّْمُ - عندما رجع من أحد إلى المدينة أمر من حضر الجهاد في أحد أن يخرجوا معه على ما بهم من الجراح فاستجابوا لله ورسوله ووصلوا إلى حمراء الأسد، وجاءهم الخبر بأن أبا سفيان قد جمع لهم جموع الناس " فقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل " (٥) وهذا يدل على صبرهم - رضي الله عنهم - الكامل على الابتلاء، ويدل على كمال إيمانهم - رضي الله عنهم - (٦).

سادسا: من أصناف المدعوين: المشركون: دل هذا الحديث على أن من أصناف المدعوين: المشركون؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلّْمُ - دعاهم إلى الله، وقاتلهم؛ لعدم استجابتهم لله وعدم دخولهم في الإِسلام،


(١) سورة آل عمران، الآيات: ١٤٠ - ١٤٢.
(٢) سورة آل عمران، الآية: ١٧٩.
(٣) انظر: فتح الباري لابن حجر، ٧/ ٣٥٢ - ٣٥٣.
(٤) سورة آل عمران، الآيات: ١٧٢ - ١٧٤.
(٥) انظر: تفسير الطبري " جامع البيان عن تأويل آَي القرآن " ٧/ ٤٠٠، وتيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان للسعدي ١/ ٤٥٦.
(٦) انظر: الحديث رقم ٩، الدرس الثامن، ورقم ٦٦، الدرس الأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>