للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عاشرا: من آداب الداعية: تطييب الطعام وتعظيمه: ظهر في هذا الحديث أن من صفات الداعية تطييب الطعام وتعظيمه واستكثاره إذا قُدِّم له؛ ولهذا عندما قال جابر للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: " طعيم لنا " فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: " كثير طيب "، وهذا من الأدب النبوي العظيم الذي فاق فيه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - جميع البشر؛ ولهذا كان - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - لا يعيب الطعام، فعن أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: «ما عاب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - طعاما قط، كان إذا اشتهى شيئا أكله وإن كرهه تركه» (١) وهذا من الأدب العظيم الذي ينبغي لكل مسلم التزامه اقتداءً بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، وخاصة الدعاة إلى الله - عز وجل.

الحادي عشر: أهمية كمال عقل المدعو: إن من الأمور المهمة التي تعين الدعاة إلى الله - عز وجل - على دعوتهم كمال عقل المدعو، وقد ظهرت هذه الصفة العظيمة في هذا الحديث عندما قالت زوجة جابر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما: هل سألك؟ أي عن كمية الطعام، فقال جابر: نعم. فسكن ما عندها لعلمها بأن الله أعلم ورسوله؛ ولعلمها بإمكان خرق العادة؛ ولهذا قبل أن يذهب جابر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - قالت له: لا تفضحني برسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - وبمن معه، وعندما أخبره بكمية الطعام لم تلمه بعد ذلك؛ ولهذا الصنيع العظيم قال الحافظ ابن حجر رحمه الله عن هذه المرأة: " لما قال لها إنه جاء بالجميع ظنت أنه لم يعلمه فخاصمته، فلما أعلمها أنه أعلمه سكن ما عندها لعلمها بإمكان خرق العادة، ودل ذلك على وفور عقلها وكمال فضلها " (٢).

وهذا يبين أهمية كمال عقل المدعو. والله المستعان.

الثاني عشر: من معجزات النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: تكثير الطعام: إن من المعجزات الظاهرة الحسية التي تدل على صدق النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: تكثير


(١) متفق عليه: البخاري، كتاب المناقب، باب صفة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، ٤/ ٢٠٢، برقم ٣٥٦٣، ومسلم، كتاب الأشربة، باب لا يعيب الطعام، ٣/ ١٦٣٢، برقم ٢٠٦٤.
(٢) فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ٧/ ٣٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>