للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خامسا: من أساليب الدعوة: استمالة قلب المدعو بمخاطبته بلغته: ظهر في هذا الحديث أن من أساليب الدعوة استمالة قلب المدعو بمخاطبته بلغته، ومن ذلك قول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - لأم خالد في هذا الحديث: " سنه سنه " أي حسنةٌ حسنة، أو حسنٌ حسنٌ، وخاطبها بذلك؛ لأنها ولدت في الحبشة وهذه لغة حبشية؛ قال الكرماني رحمه الله: " وإنما كان غرض رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - من التكلم بهذه الكلمة الحبشية استمالة قلبها؛ لأنها ولدت بأرض الحبشة " (١).

فينبغي للداعية أن يخاطب الناس بما يستميل به قلوبهم، وإذا استطاع أن يستميل قلوبهم بمخاطبتهم بلغاتهم فعل؛ لما في ذلك من تأليف قلوبهم وجذبها لمحبة الإِسلام، والله المستعان.

سادسا: من أساليب الدعوة: الدعاء بطول العمر على طاعة الله - عز وجل: إن من أساليب الدعوة الدعاء بطول العمر على طاعة الله - عز وجل؛ وقد دعا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - لأمِّ خالد بطول العمر فقال عندما ألبسها الخميصة: «أبلي وأخلقي، ثم أبلي وأخلقي، ثم أبلي وأخلقي» وهذا دعاء منه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - بطول العمر لأم خالد، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " ووقع في نسخة الصاغاني هنا من الزيادة في آخر الباب " قال أبو عبد الله هو المصنف: " لم تعش امرأة مثل ما عاشت هذه، يعني أم خالد " ثم قال الحافظ ابن حجر: " قلت وإدراك موسى بن عقبة لها دال على طول عمرها؛ لأنه لم يلق من الصحابة غيرها " (٢) وقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: «أبلي وأخلقي» دعاء بطول العمر؛ لأن العرب تطلق ذلك وتريد الدعاء بطول البقاء للمخاطب بذلك: أي إنها تطول حياتها حتى يبلى الثوب ويخلق، يقال: أبلِ وأخلِقْ معناه: عش وخرق ثيابك وأرقعها (٣) ولكن ينبغي أن يقيد الدعاء بطول العمر بطاعة الله - عز وجل؛ لحديث أبي بكرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «أن رجلا قال: يا رسول الله أيُّ الناس خير؟ قال: " من طال عمره وحسن عمله "


(١) شرح الكرماني على صحيح البخاري، ٢١/ ٧٥.
(٢) فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ٦/ ١٨٤.
(٣) انظر المرجع السابق، ١٠/ ٢٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>