للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم إني أحرّج (١) حق الضعيفين: اليتيم والمرأة» (٢) فينبغي للداعية أن يحث الناس على العناية باليتيم وهو الذي مات أبوه وهو دون البلوغ، والله المستعان.

ثانيا: من صفات الداعية: الاعتزاز بما يقع من إكرام الشرع: إن من الصفات الحميدة أن يعتز المسلم وخاصة الداعية إلى الله عزّ وجلّ بما أكرمه الله عزّ وجلّ من الفضائل؛ ولهذا اعتز عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما بتفضيل النبي صلى الله عليه وسلم له على غيره من الصبيان وذلك عندما قال له ابن الزبير رضي الله عنهما: «أتذكر إذ تلقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وأنت وابن عباس؛ قال: نعم، فحملنا وتركك»، وقد ذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله أن من فوائد هذا الحديث: "جواز الفخر بما يقع من إكرام النبي صلى الله عليه وسلم" (٣) وقال العلامة العيني رحمه الله: "وفيه الفخر بإكرام الشارع" (٤) ولا حرج من الفرح بفضل الله ورحمته، بل ينبغي ذلك؛ لقول الله عزّ وجلّ: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: ٥٨] (٥).

ثالثا: من صفات الداعية: التواضع: لا شك أن من صفات الداعية التواضع؛ ولهذا تواضع النبي صلى الله عليه وسلم فحمل الصبيان على دابته وأردفهم، ولاطفهم، كما في هذين الحديثين، قال عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما لعبد الله بن الزبير: "فحملنا وتركك" فكان صلى الله عليه وسلم من أعظم الناس تواضعا وخلقا (٦).

رابعا: أهمية تلقي العلماء والقادمين من سفر الطاعة: دل هذان الحديثان على أهمية تلقي المسافرين من العلماء ومن قدم من سفر


(١) أحرج حق الضعيفين: أي أضيقه وأحرمه على من ظلمهما. النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، باب الحاء مع الراء، مادة: "حرج" ١/ ٣٦١.
(٢) ابن ماجة، كتاب الأدب، باب حق اليتيم، ٢/ ١٢١٣، برقم ٣٦٧٨، وحسنه الألباني في صحيح سنن ابن ماجة، ٢/ ٢٩٨، وسلسلة الأحاديث الصحيحة ٣/ ١٢، برقم ١٠١٥.
(٣) فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ٦/ ٩٢.
(٤) عمدة القاري شرح صحيح البخاري، ١٥/ ١٣.
(٥) سورة يونس، الآية: ٥٨.
(٦) انظر: الحديث رقم ٣٣، الدرس الحادي عشر، ورقم ٦٢، الدرس الثالث.

<<  <  ج: ص:  >  >>