للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا كله يؤكد صدق النبي صلى الله عليه وسلم؛ لوقوع ما أخبر به على حقيقته (١).

ثالثا: من موضوعات الدعوة: التحذير من الفتن: التحذير من الفتن من أهم الموضوعات التي ينبغي للداعية أن يعتني بها، ويحذر الناس منها؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: «هاهنا الفتنة - ثلاثا - من حيث يطلع قرن الشيطان»، وهذا فيه تحذير النبي صلى الله عليه وسلم لأمته من الفتن، وبيان منه صلى الله عليه وسلم أن الفتن تأتي من قبل المشرق؛ ليحذر منها الناس وينتبهوا أشد الانتباه، قال العيني رحمه الله: "وكان صلى الله عليه وسلم يحذر من ذلك ويعلم به قبل وقوعه، وذلك من دلالات نبوته صلى الله عليه وسلم" (٢) وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم أمته على المبادرة بالأعمال الصالحة قبل الانشغال عنها بما يحدث من الفتن الشاغلة والمتراكمة، المتكاثرة، فقال صلى الله عليه وسلم: «بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا، أو يمسي مؤمنا ويصبح كافرا، يبيع دينه بعرض من الدنيا» (٣).

قال القاضي عياض رحمه الله: "وفائدة المبادرة بالعمل: إمكانه قبل شغل البال والجسد بالفتن، وقطعها عن العمل" (٤) ومما يؤكد التحذير من الفتن حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، قال: «كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؛ قال: "نعم". فقلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؛ قال: "نعم وفيه دخن". قلت: وما دخنه؟ قال: "قوم يستنون بغير سنتي، ويهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر". فقلت: هل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: "نعم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها. فقلت: يا رسول الله، صفهم لنا، قال: "نعم، قوم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا". قلت: يا رسول الله، فما تأمرني إن أدركني ذلك؛ قال: "تلزم جماعة المسلمين وإمامهم ". فقلت: فإن لم تكن لهم جماعة


(١) انظر: الحديث رقم ٢١، الدرس الرابع.
(٢) عمدة القاري شرح صحيح البخاري، ٢٤/ ١٩٩.
(٣) مسلم، كتاب الإيمان، باب الحث على المبادرة بالأعمال قبل تظاهر الفتن، ١/ ١١٠، برقم ١١٨، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٤) إكمال المعلم بفوائد صحيح مسلم كتاب الإيمان، ١/ ٤٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>