للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك فقد آتاه خيرا كثيرا" (١) فالغضب لله عزَّ وجلَّ هو الذي يكون في موضعه، صوابا في القول والفعل. والله أعلم.

الثاني عشر: أهمية عدم احتقار الصغار في الأمور المهمة: لا شك أن الصغار يختلفون في قدراتهم العقلية والجسدية على حسب ما منَّ الله به على كل واحد منهم، فينبغي أن ينزلوا منازلهم على حسب أحوالهم، وقد ثبت في هذا الحديث ما فعله معاذ ابن عفراء ومعاذ بن عمرو بن الجموح رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما من قتل عمرو بن هشام - أبي جهل - فدل ذلك على أن الصغار لا يحتقرون فقد يكون الصغير خيرا من كثير من الكبار؛ قال الإِمام الكرماني رحمه الله في فوائد هذا الحديث: "وفي هذا الحديث المبادرة إلى الخيرات، والغضب لله ولرسوله، وأنه لا ينبغي أن يحتقر الصغار في الأمور الكبار" (٢) ومن أهم العبادات بعد الشهادتين الصلاة وقد قدَّم بعض الصحابة من يؤمهم فيها وهو عمرو بن سلمة وكان أكثرهم قرآنا، وهو ابن سبع سنين أو ثمان سنين (٣).

الثالث عشر: من صفات الداعية: التزام الأدب والتلطف ولين الكلام مع الكبير والصغير: إن التزام الأدب، والتلطف، ولين الكلام من الصفات المهمة التي ينبغي للداعية أن يلتزم بها، وقد ظهر ذلك في هذا الحديث؛ لأن كلا من معاذ ابن عفراء، ومعاذ بن عمرو بن الجموح رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قال لعبد الرحمن بن عوف رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "يا عمِّ هل تعرف أبا جهل؟ فرد على كل واحد منهما: "نعم، ما حاجتك إليه يا ابن أخي"، وهذا فيه أدب الصغير مع الكبير بإنزاله منزلة العم، وأدب الكبير مع الصغير بإنزاله منزلة ابن الأخ، احتراما، وإكراما وتلطفا (٤).


(١) جامع البيان عن تأويل آي القرآن، ٥/ ٥٧٩.
(٢) شرح الكرماني على صحيح البخاري ١٣/ ١١٣.
(٣) انظر: سنن النسائي، كتاب الإِمامة، باب إمامة الغلام قبل أن يحتلم، ٢/ ٨٠، برقم ٧٨٩، وسنن أبي داود كتاب الصلاة باب من أحق بالإِمامة، ١/ ١٥٩، برقم ٥٨٥، وصححه الألباني في إرواء الغليل ١/ ١٢٧، وعزاه ابن حجر في بلوغ المرام إلى صحيح البخاري، فاطلعت على صحيح البخاري فلم أجده في نسختي ولعله في نسخة أخرى.
(٤) انظر: الحديث رقم ٥١، الدرس الثاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>