للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسيوفنا تقطر من دمائهم" دعاهم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فجمعهم ولم يدع معهم أحدا غيرهم، وقال: " هل فيكم أحد من غيركم؟ " قالوا: لا، إلا ابن أخت لنا، فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ابن أخت القوم منهم»، وهذا يؤكد أهمية الستر على المدعو إذا وقع في زلة أو خطأ؛ ولهذا حث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الستر فقال: «من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه؛ ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده، ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه» (١) والشاهد في هذا الحديث قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة».

رابعا: من صفات الداعية: التثبت: ظاهر في هذا الحديث أهمية التثبت في الأمور؛ لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عندما أخبر بمقالة الأنصار: «يغفر الله لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ يعطي قريشا ويدعنا» تثبت ولم يعجل، بل جمعهم وقال: «ما كان حديث بلغني عنكم» ثم بين لهم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما كان يخفى عليهم، فاقتنعوا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم، فدل ذلك على أهمية التثبت والتأني وعدم العجلة (٢).

خامسا: من وسائل الدعوة: التأليف بالجاه: دل هذا الحديث على أن التأليف بالجاه من وسائل الدعوة إلى الله عزَّ وجلَّ؛ ولهذا قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيه للأنصار: «إني لأعطي رجالا حديث عهدهم بكفر، أما ترضون أن يذهب الناس بالأموال وترجعون إلى رحالكم برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فوالله ما تنقلبون به خير مما ينقلبون به؛ " قالوا: بلى يا رسول الله، قد رضينا،» وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لهم: «لو سلك الناس واديا أو شعبا لسلكت وادي الأنصار أو شعبهم»، وهذا يؤكد التأليف بالجاه، فقد تألفهم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بجاهه دون ماله (٣).


(١) صحيح مسلم، كتاب الذكر والدعاء، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن والذكر، ٤/ ٢٠٧٤، برقم ٢٦٩٩.
(٢) انظر: الحديث رقم ٩١، الدرس الثاني.
(٣) انظر: الحديث رقم ٩، الدرس التاسع.

<<  <  ج: ص:  >  >>