للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٦ - قيمة الدنيا بالدراهم: مَرَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بِجَدْيٍ أسَكَّ مَيِّتٍ، فَتَنَاوَلَهُ فَأخَذَ بِأذُنِهِ، ثُمَّ قَالَ: «أيُّكُمْ يُحِبُّ أنَّ هَذا لَهُ بدِرْهَمٍ؟».فَقَالُوا: مَا نُحِبُّ أنَّهُ لَنَا بِشَيْءٍ، وَمَا نَصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ: «أتُحِبُّونَ أنهُ لَكُمْ؟».

قَالُوا: وَالله لَوْ كَانَ حَيّاً كَانَ عَيْبًا فِيهِ؛ لأنَّهُ أسَكُّ، فَكَيْفَ وَهُوَ مَيِّتٌ؟ فَقَالَ: «فَوَالله! لَلدُّنيَا أهْوَنُ عَلَى الله مِنْ هَذا عَلَيْكُمْ». أخرجه مسلم (١).

- أصل السعادة والشقاوة:

جعل الله عز وجل سعادة الإنسان وشقاءه بحسب ما يصدر منه من الإيمان والأعمال الصالحة، أو ضدها من الكفر والأعمال السيئة.

فمن آمن وقام بما أمره الله ورسوله به من الأعمال الصالحة، سعد في الدنيا، ثم زادت سعادته عند الموت بملائكة تبشره بما يسرُّه، ثم تزداد سعادته إذا أُدخل القبر، ثم تزداد في الحشر، ثم تزيد وتبلغ كمالها إذا أُدخل الجنة.

وهكذا إذا كفر الإنسان، وساءت أعماله، شقي وساءت أحواله في الدنيا، ثم تزداد عند الموت، ثم تزداد في القبر، ثم تزداد عند الحشر، ثم تزيد وتبلغ كمالها في النار.

ومن تنوعت أعماله المرضية للهِ المحبوبة له في الدنيا تنوعت الأقسام التي يتلذذ بها في الجنة، وكثرت بحسب كثرة أعماله.

ومن تنوعت أعماله المسخوطة للهِ المبغوضة له في هذه الدار تنوعت الأقسام التي يتألم بها في النار، وكثرت بحسب كثرة أعماله.

١ - قال الله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٩٧)} [النحل/٩٧].

٢ - وقال الله تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (١٢٤) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (١٢٥) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ


(١) أخرجه مسلم برقم (٢٩٥٧).

<<  <   >  >>