الله عز وجل ذكر الأحكام كلها مجملة في القرآن الكريم، وفصَّلها النبي - صلى الله عليه وسلم - في السنة، ولكنه سبحانه فصَّل جهد الدعوة في القرآن الكريم تفصيلاً شافياً كافياً كاملاً، لم يفصِّل عبادات الأنبياء، لا صلاة إبراهيم - صلى الله عليه وسلم -، ولا حج آدم - صلى الله عليه وسلم -، ولا صيام داود - صلى الله عليه وسلم -، لكنه أخبر بها إجمالاً.
فالله سبحانه لم يبين قصة عابد واحد في القرآن، ولكنه بيَّن في القرآن بالتفصيل دعوة الأنبياء إلى الله، وما حصل لهم من الأذى والتكذيب، وصبرهم ورحمتهم لأممهم، ونصرهم، وحسن عاقبتهم.
ففصَّل قصة موسى - صلى الله عليه وسلم - في تسعة وعشرين جزءاً من القرآن، وبيّن سبحانه بالتفصيل دعوة الأنبياء لأممهم فذكر قصة نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، وهود، وصالح، وشعيب، ولوط، ويوسف وغيرهم عليهم الصلاة والسلام؛ لأن هذه الأمة مبعوثة بالدعوة إلى الله وقدوتها الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
- وقت بداية الدعوة:
الدعوة إلى الله من أول يوم:
هناك فاصل زمني طويل بين الإيمان ونزول الأحكام، وليس هناك فاصل بين الإيمان والدعوة؛ لأن هذه الأمة مبعوثة كالأنبياء للدعوة إلى الله.
وكان كل نبي يُعلِّم أمته بعد الإيمان الأحكام، ولكن الله عز وجل بعد بعثة محمد - صلى الله عليه وسلم - أمره أن يُعلِّم أمته بعد الإيمان الدعوة إلى الدين، ثم علَّمهم فيما بعد أحكام الدين في المدينة؛ لأن هذه الأمة مبعوثة كالأنبياء لنشر الدين في العالم.
- حكم الدعوة إلى الله:
الله عز وجل اختار هذه الأمة واجتباها من بين سائر الأمم، وكَرَّمها وشَرَّفها بهذا