للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم يليهم الصديقون الذين كمل تصديقهم للهِ ولرسوله واستقاموا على أمره، ثم الشهداء، ثم الصالحون، كما قال سبحانه: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (٦٩)} [النساء/٦٩].

- حق الله على العباد:

حق الله على أهل السماوات وأهل الأرض أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، بأن يطاع فلا يعصى، ويُذكر فلا يُنسى، ويُشكر فلا يُكفر، ومن الذي لم يصدر منه خلاف ما خُلق له إما عجزاً وإما جهلاً، وإما تفريطاً وإما تقصيراً.

لذا فلو أن الله عذب أهل سماواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحمهم كانت رحمته خيراً لهم من أعمالهم.

عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: كنت ردف النبي - صلى الله عليه وسلم - على حمار يقال له عفير قال: فقال: «يَا مُعَاذُ تَدْرِي مَا حَقُّ اللهِ عَلَى العِبَادِ، وَمَا حَقُّ العِبَادِ عَلَى اللهِ؟» قال: قلت: اللهُ ورسولُهُ أعلمُ، قال: «فَإنَّ حَقَّ اللهِ عَلَى العِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوا اللهَ وَلا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً، وَحَقُّ العِبَادِ عَلَى اللهِ عَزّ وَجَلّ أَنْ لا يُعَذِّبَ مَنْ لا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً» قال: قلتُ يَا رَسُولَ اللهِ أَفَلا أبشرُ النَّاسَ؟ قال: «لا تُبَشِّرْهُمْ فَيَتَّكِلُوْا». متفق عليه (١).

- كمال العبودية:

١ - كل عبد يتقلب بين ثلاث: نعم من الله تترادف عليه، فواجبه فيها الحمد والشكر، وذنوب اقترفها، فواجبه الاستغفار منها، ومصائب يبتليه الله بها، فواجبه فيها الصبر، ومن قام بواجب هذه الثلاث سعد في الدنيا والآخرة.

٢ - الله عز وجل يبتلي عباده ليمتحن صبرهم وعبوديتهم لا ليهلكهم ويعذبهم، فلله على عبده عبودية في الضراء كما له عبودية في السراء، وله عبودية فيما يكره


(١) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (٢٨٥٦)، ومسلم برقم (٣٠)، واللفظ له.

<<  <   >  >>