للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حصل للنبي - صلى الله عليه وسلم - في الطائف، لأن الله يربيه أحياناً، ويربي به أحياناً.

وحالة الإقبال عليه أشد وأخطر، فقد يدخله الغرور، وتُعْرَض عليه المناصب فإذا قَبِل هلك، إلا من رحم الله وحماه، وهي محاولة الشيطان لسرقة الداعي من الدين، وشغله بالدنيا والأشياء والمناصب.

أما حالة الإدبار والإعراض عنه فهي أحسن وأشد وأقوى بالنسبة له، إذ فيها يزداد توجه الداعي إلى الله، والإقبال عليه، والتعلق به، فتأتي بسبب ذلك نصرة الله كما حصل للنبي - صلى الله عليه وسلم - من أهل الطائف لما طردوه وآذوه دعا الله فأيّده الله بجبريل ومَلَك الجبال، ثم يسّر له دخول مكة، ثم الإسراء والمعراج، ثم الهجرة إلى المدينة، ثم ظهور الإسلام.

- الجمع بين الدعاء والدعوة:

النبي - صلى الله عليه وسلم - تارة يدعو على المشركين .. وتارة يدعو لهم بالهداية.

فالأول: عند اشتداد شوكتهم، وشدة أذاهم كما دعا عليهم في غزوة الخندق حين شغلوا المسلمين عن الصلاة.

عن علي رضي الله عنه قال: لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْأَحْزَابِ قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَلَأَ اللهُ بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا، شَغَلُونَا عَنْ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى حَتَّى غَابَتْ الشَّمْسُ».

متفق عليه (١).

والثاني: عند رجاء إسلامهم، وتأليف قلوبهم لدين الله عز وجل.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَدِمَ الطُّفَيْلُ وَأَصْحَابُهُ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ الله إِنَّ دَوْسًا قَدْ كَفَرَتْ وَأَبَتْ فَادْعُ الله عَلَيْهَا، فَقِيلَ: هَلَكَتْ دَوْسٌ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْساً وَائْتِ بِهِمْ». متفق عليه (٢).


(١) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (٢٩٣١)، واللفظ له، ومسلم برقم (٦٢٧).
(٢) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (٢٩٣٧)، ومسلم برقم (٢٥٢٤)، واللفظ له.

<<  <   >  >>