للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كما له عبودية فيما يحب، وأكثر الناس يعطون العبودية فيما يحبون، والشأن إعطاء العبودية في المكاره، وهم متفاوتون في ذلك، فالوضوء بالماء البارد في شدة الحر عبودية، ونكاح زوجته الحسناء عبودية، والوضوء بالماء البارد في شدة البرد عبودية، وترك المعاصي التي ترغبها النفس من غير خوف الناس عبودية، والصبر على الجوع والأذى عبودية، ولكن فرق بين العبوديتين.

فمن كان قائماً للهِ بالعبوديتين في حال السراء والضراء، وحال المكروه والمحبوب، فهو من عباد الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، وليس لعدوه سلطان عليه فالله يحفظه، ولكن قد يغتاله الشيطان أحياناً، فإن العبد قد بلي بالغفلة والشهوة والغضب، ودخول الشيطان على العبد من هذه الأبواب الثلاثة. وقد سلط الله على كل عبد نفسه وهواه وشيطانه وابتلاه هل يطيعها أم يطيع ربه.

والله عز وجل له على الإنسان أوامر، والنفس لها أوامر، والله يريد من الإنسان تكميل الإيمان والأعمال الصالحة، والنفس تريد تكميل الأموال والشهوات، والله عز وجل يريد منا العمل للآخرة، والنفس تريد العمل للدنيا، والإيمان هو سبيل النجاة والمصباح الذي يبصر به الحق من غيره وهذا محل الابتلاء.

١ - قال الله تعالى: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (٢) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (٣)} [العنكبوت ٢ - ٣].

٢ - وقال الله تعالى: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥٣)} [يوسف/٥٣].

- فقه العبودية:

الأرض قابلة لما يُغرس فيها من حلو ومر، وأرض الفطرة رحبة قابلة لما يُغرس فيها

فمن غرس شجرة الإيمان والتقوى جني حلاوة الأبد.

ومن غرس شجرة الكفر والجهل والمعاصي جنى شقاوة الأبد.

وأعظم المعارف أن تعرف ربك، وما يجب له.

<<  <   >  >>