وقد يحصل النفي بالحبس؛ لأن الحبس سجن الدنيا، والمحبوس كالمنفي من الأرض، وحبسه أقرب إلى السلامة من شره.
فإذا أمكن اتقاء شرهم بنفيهم نفيناهم، وإذا لم يمكن إلا بحبسهم حبسناهم؛ لدفع شرهم عن الناس.
- حكم توبة المحارب:
مَنْ تاب من قُطاع الطريق قبل أن يُقدر عليه سقط عنه ما كان للهِ من نفي، وقطع، وصلب، وتحتُّم قتل، وأُخذ بما للآدميين من نفس، وطرف، ومال إلا أن يُعفى له عنها، وإن قُبض عليه قبل التوبة أُقيم عليه حد الحرابة، لئلا يُتخذ ذلك ذريعة إلى تعطيل حدود الله عز وجل.
- صفة الدفاع عن النفس:
مَنْ صال على نفسه أو أهله أو ماله آدمي أو بهيمة دفعه بأسهل ما يغلب على ظنه، فإن لم يندفع إلا بالقتل فله ذلك، ولا ضمان عليه، فإن قُتل المعتدى عليه فهو شهيد.
- حكم الزنديق:
الزنديق: هو من يظهر الإسلام ويبطن الكفر.
والزنديق محارب للهِ ورسوله، ومحاربة الزنديق للإسلام بلسانه أعظم من محاربة قاطع الطريق بيده وسنانه، فإن فتنة هذا في الأموال والأبدان، وفتنة الزنديق في القلوب والإيمان.
فإن تاب قبل القدرة عليه فتقبل توبته ويُحقن دمه، وأما بعد القدرة عليه فلا تقبل توبته بل يُقتل حداً من غير استتابة، إلا إن علمنا صدق توبته فلا نقتله.